تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الأمور إذا تهيأت ينبغي أن يَسْلَمِ الزوج من ضدها مما ينفر من قبول دعوته كالكلمات الجارحة والعبارات القاسية " أنت لاتفهمين، أنت عاصية أنت كذا "، فهذا لا ينبغي بل ينبغي على الزوج إذا وعظ زوجته خاصة عند الخصومة أو عند الخطأ والزلل أن لا يَفْجُرَ في قوله قال العلماء الفجور في القول أن يبالغ في وصفها فيصفها بأشنع الأوصاف وهي لا تستحق ذلك الوصف وهذا هو من شأن النفاق فإن المنافق إذا خاصم فجر فبعض الأزواج إذا رأى أقل تقصير من زوجته حمَّل ذلك التقصير ما لم يحتمل من الوصف وقرع زوجته بأشنع العبارات وأقساها وأقذعها فإذا كانت المرأة صالحة أحست بالنقص وتأثرت فإن القلوب تتأثر بالكلمات الجارحة ولو كان الرجل مستقيماً وعلى طاعة الله فإنه يتأثر، ولذلك ينبغي على الزوج أن يتحفظ وأن يتوقى في الألفاظ وهذا أصل في الدعوة إلى الله-?-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (2). فالموعظة الحسنة هي الموعظة المشتملة على الكلمات الطيبة والنصائح القيمة الهادفة التي تنصب على الأمر الذي يراد فعله والنهي عن الأمر الذي لا يراد فعله.

حق النفقة: أما الحق الثاني الذي أوجب الله للزوجات على أزواجهن فهو حق النفقة وهذا الحق دل عليه دليل الكتاب والسنة والإجماع قال الله في كتابه: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (1).

ينفق إذا كان غنياً مما آتاه الله على قدر غناه وإذا كان فقيراً مما آتاه الله على قدر فقره هذه الآية الكريمة يقول العلماء فيها أمران:

الأمر الأول: وجوب النفقة في قوله: {لِيُنفِقْ} فالنفقة واجبه.

والأمر الثاني: أنها تتقيد بحال الرجل إن كان غنياً فينفق نفقة الغنى فذو سعة من سعته أي ذو الغنى من غناه وذو الفقر من فقره في قوله-تعالى-: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.

فهذه ثلاثة أمور النفقة واجبة وعلى الغني على قدر غناه وعلى الفقير على قدر ما آتاه الله.

وكذلك أوجب الله النفقة في قوله-سبحانه-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (2).

فأخبر-?- أن الرجل له فضل على المرأة بالقيام بنفقتها وثبتت في السنة الصحيحة عن النبي-?- بالأمر بالنفقة والحث عليها ووصية الأزواج بالقيام بها على وجهها حتى أباح للمرأة أن تأخذ من مال الزوج إذا امتنع من الانفاق عليها قال-?- حينما اشتكت إليه هند-رضي الله عنها- فقالت: - يا رسول الله - إن أبا سفيان رجل شحيح مِسِّيك أفآخذ من ماله؟ فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)).

قالت: - يا رسول الله - إن أبا سفيان رجل شحيح مسيك أي رجل شحيح ويمسك المال فإذا أنفق لاينفق نفقة تكفيني وكذلك أيضاً مسيك أي يخاف على ماله.

يقول بعض العلماء: لعل هنداً تجاوزت في الوصف وذلك أن هنداً كانت من الأثرياء ومن بيت غنى، ولذلك قالت رجل شحيح مِسَّيك فبالغت في الوصف وقال بعض العلماء: لم تبالغ.

الذين قالوا إنها بالغت في الوصف قالوا إن جواب النبي-?- لها قال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) ولذلك قالوا: لم يعط لها الأمر بدون تقييد.

والذين قالوا إنها قد اشتكت من ضيق يد أبي سفيان قالوا إن هذا يؤكد أنها ظلمت لقوله: ((خذي)) - وهذا هو الصحيح أعني الوجه الثاني.

وعلى هذا لما قال لها خذي من ماله دل على أن المرأة لها في مال الرجل حق من أجل النفقة.

وأما الدليل الثاني من السنة فإن النبي-?- قال: ((إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم على نسائكم حقاً فأما حقكم على نسائكم إن لايطئن فرشكم من تكرهون وألا يَأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، وأما حقهم عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن)) فأما حقهن عليكم قالوا قولة حق يدل على أنه واجب ولازم على الزوج فدل هذا الحديث على أن النفقة من الزوج على زوجته أنها واجبة ولازمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير