تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي حديث معاوية-? وأرضاه-: أن رجلاً سأل النبي-?- ما حق امرأتي علي؟ قال: ((تطعمها مما تطعم وتكسوها مما تكتس)). فدل على أن من حق المرأة على زوجها أن يطعمها ويكسوها.

وأجمع العلماء-رحمة الله عليهم- على أن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته بالمعروف، قال بعض أهل العلم: إنما وجبت النفقة على الرجال؛ لأن المرأة محبوسة في البيت عاطلة عن العمل والأصل في المرأة أن تقوم على بيتها وأن ترعى بيتها. وقد أشار النبي-?- إلى ذلك بقوله في خطبته كما في الصحيح في حجة الوداع: ((استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عندكم عوان)). عوان أي أسيرات قالوا ولذلك أُمِرَ الرجل أن يقوم بالانفاق على المرأة من أجل هذا.

أما الأمر الثاني الذي جعل النفقة على الرجل للمرأة فالحقوق المتبادلة والمنافع التي يبادل كل منهما الآخر، فالمرأة يستمتع بها الرجل، قال-تعالى-: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (1) فاستحقت أن تأخذ أجرها على ما يكون منها من القيام بحق بعلها في فراشه، ولذلك قالوا إذا نشزت وامتنعت من الفراش كان من حقه أن يمتنع من الإنفاق عليها ونص بعض العلماء على أن من أسباب النفقة كونها فراشاً للرجل فلهذا كله أوجب الله على الرجال الإنفاق على النساء والقيام بحقوقهن وهذه النفقة فيها مسائل:

المسألة الأولى: ما هي أنواع النفقة التي ينبغي على الزوج أن يقوم بها تجاه زوجته؟

المسألة الثانية: ما هي ضوابط النفقة التي ينبغي أن يتقيد بها الرجل بمعنى أن يؤديها على سبيل اللزوم وإذا أداها برئت ذمته؟

أما بالنسبة لأنواع النفقة فإنها تنحصر في الإطعام والكسوة والسكن فهذه ثلاثة أمور ينبغي للزوج أن يرعاها في إنفاقه على زوجته وأهله وولده.

أما الإطعام فإن النبي-?- نبه عليه في حديث عمرو بن الأحوص-? وأرضاه- في خطبته في حجة الوداع فقال: ((أما حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن)) قال العلماء: إن عموم الأدلة التي دلت على النفقة يدخل فيها الطعام؛ لأن الله-?- قيد ذلك بالمعروف وقيده النبي-?- بالمعروف والمعروف في أعراف المسلمين أن الزوج يطعم زوجته ويقوم على طعامها على الوجه الذي لا إضرار فيه. والطعام يستلزم أن يقوم الزوج بتهيئة ما تحتاجه المرأة وكذلك ولده بالتبع من جهة الأكل.

قال العلماء: يلزمه أمران: الطعام وما يحُتاج إليه لاستصلاح الطعام. فيطعمها فيكون الطعام كحب ونحو ذلك وما يؤتدم به الطعام فهذا كله لازم على الزوج ويكون مقيداً بالعرف فإذا كان غنياً فإنه يكون طعامه مرتبطاً بطعام الأغنياء مثله فلا يُطعم الغني طعام الفقير ولا يُطعم الفقير طعام الغني بمعنى لايلزمه ذلك، ولا تطالبه المرأة بمثل ذلك.

قال العلماء: الطعام ينقسم في الأعراف إلى ثلاثة أقسام (الأفضل والجيد والرديء والوسط بينهما) فإن كان مال الرجل ودخله وما هو فيه من الحال هو حال أهل الغنى وجب عليه أن يطعم زوجته بالطعام الجيد الذي يطعمه مثله من ذوي اليسار، وإذا عدل عن الطعام الجيد إلى اردائه فإنه يكون ظالماً وكان من حق الوالي والقاضي أن يلزمه بأجود الطعام وأحسنه كذلك أيضاً العكس فإنه إذا كان فقيراً وسألته المرأة أو وليها أن يطعمها طعاماً أفضل من طعام مثله وألحت عليه في ذلك لم يجب عليه أن يلبي لها ذلك؛ لأن الله-?- أمر الإنسان أن ينفق على قدر ما أعطاه قال: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} وقوله: {وَمَنْ قُدِرَ} يعني من ضيق كما قال -تعالى-: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} (1). أي يوسع ويضيق فقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} يعني ضُيِّق عليه.

وهنا مسألة: وهي أن الزوج ربما يكون ماله ودخله طيباً ولكن تنتابه ظروف لا يستطيع معها أن ينفق نفقة مثله

وهذه الظروف تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: إما أن تكون ظروفاً قسرية تجبره على أن يقصر في النفقة وينزل عن نفقة مثله فهذا اغتفره العلماء كما لو طرأت عليه خسارة أو طرأت عليه مصيبة في ماله فاحتاج أن يدفع فأخذ يقسط من شهره حتى ضيق على أهله في طعامهم فهذا لا إثم عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير