تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المرأة على الزوج شروطاً، ويشترط الزوج على زوجته شروطاً، وحينئذٍ يرد السؤال عن موقف الشرع من هذه الشروط: ما الذي أذن الله به، فيفعل ويلزم الوفاء به؟ وما الذي نهى الله عنه، فلا يجوز اشتراطه، ولا يجوز الالتزام به؟ ومن هنا كان من الأهمية بمكان أن يعتنى عند بيان حقوق الزواج، ببيان الشروط؛ لأن الشرط نوعٌ من الحق، فإذا كانت الحقوق يلزم الوفاء بها، كذلك الشروط يلزم الوفاء بها، ومن هنا قال العلماء: إن الحقوق في الزواج منها ما هو شرعي، جعله الله عز وجل في أصل العقد، ومن لوازم العقد ومقتضياته، ومنها ما هو جعلي، بمعنى: أنه جعله الزوجان أو واحد منهما، فهذا الذي جُعل من الطرفين، أو من أحدهما، هو محل حديثنا اليوم، وهو الذي سنبين موقف الشرع منه، فالشروط في النكاح تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: شروطٌ شرعية، ينبغي الوفاء بها، ويلزم الطرفان أن يقوما بحقوقها. القسم الثاني: شروطٌ غير شرعية، وهي الشروط المحرمة. ......

القسم الثالث: فهي الشروط التي اختلف العلماء فيها: هل هي مشروعة أم ليست بمشروعة؟ قالوا: من أمثلتها أن تشترط المرأة ألا تخرج من بيتها، أو ألا تخرج من عند أهلها، أو ألا يسافر بها. ألا تخرج من بيتها: امرأة تريد أن تبقى عند أهلها وفي بيت أبيها فتتزوج وتكون في داخل بيته، أو تشترط عليه ألا يبعدها عن والديها، كأن تشترط أن تسكن في الحي الذي فيه والداها، أو ألا يخرجها من مدينتها، كأن يكون من مدينةٍ أخرى، وتخشى أن يسافر بها إلى مدينته، فقال: أشترط أن تبقى بنتي ولا تسافر. أو تشترط ألا تسافر معه، كأن يكون رجل صاحب تجارة وتخاف من السفر معه، فقالت: اشترط ألا أخرج معك في سفر. فمثل هذه الشروط اختلف العلماء فيها، وهي تنقسم في الأصل إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون هناك مبرر للشرط، بأن توجد حاجة ضرورية أو حاجة ملحة لولي المرأة أو للمرأة لكي تشترط هذا الشرط، من أمثلة ذلك: أن يكون للمرأة والدان، وهذان الوالدان ضعيفان، أو أحدهما مريض، ويحتاجان إلى رعاية وعناية البنت، وهي تريد أن تكون بجوار أبيها وأمها من أجل البر وحفظ حقيهما، خاصةً إذا لم يوجد أحد، فهي مضطرة ومحتاجة لمثل هذا الشرط، فحينئذٍ مثل هذا الشرط ينبغي للزوج أن يعينها عليه، وهو مأجور، والله يبارك للزوج في زوجته، إذا أعانها على طاعة الله وبالأخص بر الوالدين، فحينئذٍ يحاول أن يعينها على هذا الشرط، وهو شرطٌ له وجهه. لكن إذا اشترط ولي المرأة ألا تخرج من بيته، وألا تسافر عنه، أيضاً له حالتان: إما أن يشترط لسبب، كأن يرى البنت صغيرةً في السن أو طائشة، ويريدها أن تكون قريبة منه، ويخشى أن سافر بها الزوج والزوج متساهل أن تقع بنته في فتنة أو حرام، أو يخشى أن يسافر بها الزوج إلى أهله وبينه وبين أهله عداوة أو نحو ذلك، فإن وجد ما يُبرر ذلك من ولي المرأة، كان شرطاً شرعياً، ومن حقه أن يشترط التأقيت، فيشترط إلى سنٍ معين، وإلى حدٍ معين، فيقول: أشترط ألا تخرج بنتي من المدينة إلى أن تبلغ عشرين سنة خوفاً من الضرر عليها، فهذا شرط يقصد به دفع الضرر، قال بعض العلماء: من حق الولي أن يشترط ذلك، لأنه شرطٌ في مصلحة الزوج والزوجة، وفيه إقامةٌ لطاعة الله عز وجل، وحفظ الله عن الحرام. القسم الثاني: إذا كان هذا الشرط فيه شيءٌُ من الفضول، كأن تشترط ألا تخرج من بيت أبيها، أو لا تخرج من جوار والديها، وليست هناك حاجة من الوالدين، أو تشترط ألا تخرج من مدينتها، وليس هناك ما يبرر هذا الشرط، أو تشترط ألا يتزوج عليها، أو ألا تكون عنده زوجة، فهذا النوع من الشروط للعلماء فيه قولان: القول الأول يقول: إنه شرطٌ لازمٌ وصحيح، ويجب على الزوج أن يفي به، وأنها إذا قالت له: أشترط ألا تتزوج علي مثلاً، وأراد أن يتزوج عليها في أي يومٍ بعد عقد النكاح، فإن من حقها أن تطالب بشرطها، وحينئذٍ يكون الفسخ، أي: ينفسخ النكاح، هذا بناءً على أنه شرط بينه وبينها، وبهذا القول قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص رضي الله عن الجميع. أربعةٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يرون شرعية مثل هذا الشرط، وكان بعض التابعين يفتي به، فهو قول شريح القاضي المشهور، وقال به عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، وهو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير