تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثاني، ويقولون: لو أراد أن يكتب العقد، أو يعقد على امرأة، فقال ولي المرأة: أشترط، وأهل الزوجة يعلمون أن عنده زوجة سابقة، فقالوا له: نشترط عليك أن تطلق الأولى، فإن هذا بالإجماع حرام ولا يجوز. وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عند أحمد في مسنده رحمه الله: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن ينكح الرجل بطلاق الأخرى). أي: أن ينكح المرأة على أن يطلق التي قبلها، وعلى هذا فإننا نرى أن الشرع من حيث هو لا يقرُ مثل هذا ولا يجيزه، ثم انظر رحمك الله، إذا قلنا: إن من حق المرأة أن تشترط ألا تكون هناك سابقة، وألا تكون هناك لاحقة، فدخل الرجل عليها، ورضي بهذا الشرط، فإذا بالمرأة تغير جمالها، أو ذهب ما يعينه على العفة منها، إذا به يبقى وهو يخشى على نفسه الفتنة، فتنجب له الأطفال، فيبقى حائراً، إن جاء يتزوج الثانية؛ فإن الأولى ستبين منه، وإن جاء يبقى معها، لا يأمن الوقوع في الحرام، ولذلك هذا الشرط آثاره ونتائجه التي تترتب عليه فيه أضرار عظيمة، والرجل إذا لزمه هذا الشرط، معنى ذلك أن المرأة يكون لها الخيار، وحينئذٍ إذا أراد أن يتزوج عليها الثانية، يكون من حقها أن تفسخ النكاح، وتقول: أطالب بحقي، فتنفسخ بطلقة لا رجعة له عليها. وحينئذٍ إذا كان الأمر كذلك، سيتشتت أطفاله، وقد لا يرضى بشتات أطفاله، لأن الله أخبر أن الله عز وجل علق القلوب، وجبل النفوس على حب الولد، الولد مجبنةٌ مبخلة. كان الصحابي إذا أراد الهجرة، يريد أن يهاجر من مكة إلى المدينة، تعلق به ولده فامتنع من الهجرة، من فتنة الولد، فهذا الرجل إذا تزوج ولزمه هذا الشرط، وقلنا يلزمه، وهو يعلم أنه امرأته ستتطلّق منه، وأولاده سيضيعون، كيف سيقدم على الثانية؟ فيبقى بين نارين، وبين أمرين أحلاهما مر، فإما أن يبقى مع المرأة ويقع في الحرام، وإما أن يبين ما بينه وبينها فيتشتت أطفاله، ويكون في ذلك من المفاسد ما الله به عليم. وعلى هذا فإن أصح القولين: قول الجمهور: أ

بالنسبة للقسم الثاني من الشروط، وهي الشروط المحرمة، فإن منها ما يفسد عقد النكاح، ومن أمثلته: أن يشترط الزوج تأقيت عقد النكاح، فيقول: أتزوجها شهراً، أو أتزوجها سنةً، أو أتزوجها نصف عام، فهذا نكاح المتعة، ويوجب فساد العقد من أصله. ومما يوجب فساد العقد ويخالف الشرع أن يشترط البدل، فيقول: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، أو زوجتك أختي على أن تزوجني بنتك أو أختك، فهذا نكاح البدل والشغار، وهو نكاح فاسد. فهذان النوعان عارضا الشرع، أما الأول فنكاح المتعة، وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه نهى عن نكاح المتعة)، ونكاح المتعة: هو النكاح المؤقت بزمانٍ معين، كأن يجعله إلى سنة أو إلى شهر أو إلى شهور يحدد أمدها، واختلف العلماء لو أنه تزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها، أو جاء إلى بلدٍ ينوي الإقامة مدة، وأراد أن يتزوج ثم يسافر، وهذا كما يسميه العلماء بزواج الرّكاض، والرّكاض: هو الرجل الذي لا يستقر في أرض، كأصحاب التجارات ينزلون في الأمصار، يطلبون أرزاقاً، يتأقّت جلوسهم فيها بحسب تلك الأرزاق، فيطول مقامهم ويقصر على حسب مصالحهم، فهم غير مستقرين، فهذا النوع من النكاح وهو أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها، لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يخبر المرأة بنيته، أو يخبر ولي المرأة بالنية، ويتفقان على أنه يريدها لسنة، أو يريدها مدة دراسته، أو مدة إقامته في المدينة، ثم بعد ذلك يطلق، فهذا نكاح متعة، وهو محرم بالإجماع. الحالة الثانية: لكن إذا لم يُخبِر، وتزوج المرأة وفي نيته أنه إذا اقتضت مصلحته خرج من المدينة، وأنه يطلق، فللعلماء فيه وجهان، أصحهما: أن النكاح صحيح، وأنه لا حرج عليه في ذلك؛ لعموم الأدلة؛ ولأن النهي عن التأقيت الظاهر، وأما الباطن فلم يرد فيه نهيٌ يدل على تحريمه؛ ولأن فعل السلف وما كانوا عليه مشهورٌ، أنهم كانوا يرتحلون لطلب العلم وللتجارة، وكان الرجل ينزل المصر والقرية مدة تجارته، فيتزوج بها، ثم يترك أهله ويسافر إلى بلدٍ آخر، فقالوا: إنه لا حرج عليه في ذلك، واختار هذا القول جمعٌ من المحققين، وأفتى به شيخ الإسلام رحمة الله عليه، وهو الصحيح كما ذكرنا، ولما فيه من درء كثيرٍ من المفاسد، فإن الرجل تكون عنده المرأة ضعيفة لا تطيق السفر، وقد لا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير