تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ترضى بالخروج معه، ويسافر إلى بلادٍ عديدة، فيتعرض فيها إلى فتنة، وقد يسافر إلى بلد يلزم عليه المكوث والجلوس فيه، فإذا قلنا له: لا تتزوج وأنت عندك نية الطلاق، فإنه لا يأمن الوقوع في الحرام، ومصلحته تلزمه بالبقاء في هذا البلد، ولذلك كان من شرع الله التيسير على نحو هذا، خاصةً إذا عمّت به البلوى، كما هو الحال في زماننا، ولكن مع هذا قال العلماء: إنما أجزنا نكاح مثل هذا؛ لأنه ربما غير نيته وصلحت له المرأة فأخذها معه، وهذا لا شك أنه قولٌ وجيه، وأن عموم الأدلة الدالة على جواز النكاح تقتضي صحته؛ ولأن الحكم في الشرع على الظاهر، وهذا لم يظهر للمرأة ولا للولي ما يريده. أما بالنسبة للنوع الثاني من الشروط التي توجب فساد العقد، فقال العلماء: أن يكون هناك شرطٌ يخالف شرع الله عز وجل من كل وجه، كأن يشترط ما ذكرناه أولاً أنه يؤقِّت بالمدة، أو يكون نكاح البدل وهو نكاح الشغار. نكاح الشغار إذا اشترط وقال: أزوجك بنتي على أن تزوجني بنتك، فهذا لا يجوز، سواءً وُجِد مهر أو لم يوجد مهر، وبعض العلماء يقول: إذا وجد مهر، جاز النكاح. وهو مرويٌ عن نافع الراوي للحديث عن ابن عمر أنه إذا كان بينهما مهرٌ فلا بأس، والصحيح أن نكاح الشغار يحرم مطلقاً، والعلة في ذلك أنه إذا تزوج المرأة في مقابل المرأة، بمجرد أن يسمع أن المرأة الثانية ظُلمت سيظلم التي تحته، فإذا ضر هذا بامرأته، ضر هذا بامرأته، وإذا آذى هذا الأخت، آذى هذا أخته، فأصبح نكاحاً مفضياً إلى الظلم، ولذلك قال العلماء: إنه تدخله المحاباة، حتى لربما زوّج البنت الصغيرة لشيخٍ كبير، أو لمن لا صلاح في دينه ولا استقامة له، ويحابيه في ذلك لمصلحة نفسه، ولذلك قالوا: لا يجوز هذا النوع من النكاح، لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن نكاح الشغار. هناك نوعٌ ثانٍ من الشروط محرم، ولكنه لا يوجب فساد النكاح، وإنما يُلغى الشرط ويصحح العقد، ومن أمثلة ذلك: إذا تزوج المرأة واشترط الزوج أو اشترطت المرأة أن يكون المهر بشيءٍ محرمٍ شرعاً، كأن يكون المهر خمراً أو لحم خنزيرٍ أو نحو ذلك من المحرمات، فإنه يُصحّح بمهر المثل، فيُنظر إلى مثل مهر المرأة، ويُصحّح العقد به؛ لأن الأصل صحة العقد وبقاؤه، ومتى ما كان ممكناً أن نصحح العقد، فإننا نصححه؛ لأن القاعدة أن الإعمال أولى من الإهمال. عرفنا الآن أن الشروط المحرمة منها ما يوجب فساد عقد النكاح كالمتعة والشغار، ومنها ما يوجب فساد المُسمَّى وهو المهر، ويصحح بمهر المثل. هناك نوعٌ ثالث من الشروط يسقط ويبطل، وبعض العلماء يقول: يبطل ويبطل العقد معه، وبعضهم يقول: يبطل ويبقى العقد صحيحاً، ومن أمثلة ذلك: أن يتزوج المرأة ويشترط أن لا نفقة لها وألا يسكنها، فإن النفقة حقٌ من مقتضيات عقد النكاح، فإذا قال: أتزوجك بشرط أن لا أنفق عليك، فإنه ليس من حقه ذلك، وقد عارض شرع الله عز وجل، فيفسد هذا الشرط في قول طائفة من العلماء ويُصحح العقد، وقال بعض العلماء: يفسد العقد، والصحيح أنه يفسد الشرط دون العقد، فيبقى العقد صحيحاً، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كل شرطٍ ليس في كتاب الله، فهو باطل)، وهذا يدل على أنه شرطٌ باطل، والنكاح بأصله صحيح. وهنا مسألة وهي: أنه يتزوج المرأة ويشترط أن يكون له جزء من راتبها، أو يكون له مسمَّىً من الراتب، فهذا النوع من الشروط فيه نظر، والأصل يقتضي عدم جوازه، وذلك لما يأتي: أولاً: أنه يخالف مقتضى الفطرة، حيث أن الرجل هو الذي ينفق على المرأة، فإذا بالمرأة هي التي تنفق عليه، والله تعالى يقول: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]، ولذلك قال العلماء: الأصل أن ينفق الرجل على المرأة، فإذا اشترط عليها أنها تنفق عليه، فهذا شرطٌ فاسد، وليس له حقٌ في هذا الشرط. ثانياً: أنه يُعتبر من الظلم، وأكل المال بالباطل، والله تعالى يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، فإن المال إذا دُفع، لا يُستحق إلا في مقابل، وكونه زوجاً للمرأة، لا يقتضي معاوضة بالمال، وكونه يقول: هي تعمل، وهي موظفة، وتضر بمصالحي، نقول: أنت بالخيار بين أمرين: إما أن ترضى بالإضرار بمصالحك التي في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير