تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بيتك، وتسمح لها بالعمل، وإما أن تبقيها في البيت وتترك العمل. أما أن تأخذ من مالها بدون وجه حق، فليس هناك ما يبرر هذا، ولو قيل: إن المرأة تحتاج إلى رعاية أولادها، نقول: من حقك أن تمنعها من العمل، وأن تبقى لرعاية أولادها، ونص العلماء على أن من حق الزوج أن يلزم زوجته البقاء في البيت، لأنه الأصل، وأنه إذا سمح لها بعملها فلا إشكال، فإذا لم تطب نفسه، وألزمها أن تبقى؛ فمن حقه ذلك، لكن لو كان عنده أطفال، وكانت تعمل، وأرادت العمل، فقال لها: ائتي بمن يقوم على الأطفال، من خادمةٍ أو نحوها، وتكون نفقة الخادمة عليك، فلا بأس، قالوا: لأنها في الأصل مطالبة بخدمة أولادها، فإذا كانت تريد أن توجد من يقوم مقامها في خدمة الولد، وهي الخادمة مع أمن الفتنة، والمحافظة على ما يجب أن يُحافظ عليه، فإنه حينئذٍ لا بأس، وليس الزوج آخذاً لهذا القدر من الراتب بدون حق، إنما أخذه من جهة كونها مطالبة برعاية الأولاد، وحيث أن عملها يحول بينها وبين الرعاية، فجاءت بمن يحفظ أولادها، أو يحفظ البيت من كنسٍ وتنظيفٍ وطبخ في حال غيابها، وحاجة زوجها، فحينئذٍ لا إشكال؛ لأن المعاوضة قائمة، ولا يعتبر من أكل المال بالباطل. أما أن يقول لها هكذا: لي نصف راتبك، أو لي ربع راتبك، أو نحو ذلك، فليس هناك وجه للمعاوضة، وهو داخل في أكل المال بالباطل. يقول العلماء: أكل المال بالباطل: أن يأخذ المال وليس في مقابله ما يوجب الأخذ، فكونه زوجاً ليس مما يوجب أخذ المال، ولو قلنا: من حقه أن يأخذ من راتبها بحكم الزوجية، لكان من حقه أن يأخذ من إرثها، وما تأخذه من والدها، وما يكون لها من الهبات؛ لأن هذا كله خارج من أصلٍ واحد، وهو مقام الزوجية، ولكن إذا اعتذر بضياع حقوقه، أو ضياع حاجته في داخل بيته من رعاية لأولاده، أو رعاية لطعامه وشرابه فنقول: تُقِم المرأة من يخدم، ويقوم بتلك الرعاية، ويكون ذلك على الوجه المعروف، ولا يأخذ من الراتب أصلاً. هذا بالنسبة لمسألة اشتراط النفقة، والمقصود أنه لا يجوز أن يشترط الرجل على المرأة أن تنفق عليه، وإذا حصل هذا الشرط، فإنه باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل) وإن كان مائة شرط.

أما الشروط الشرعية: فهي تنقسم إلى أقسام، فمنها ما هو من لوازم عقد النكاح، والمراد بهذا النوع من الشروط: أن يشترط ولي المرأة أو المرأة أو الزوج، أمراً هو من لوازم عقد النكاح، ومن أشهر هذه الشروط: أن يشترط ولي المرأة على الزوج، أن يمسك بمعروف، أو يسرح بإحسان، وهذا الذي يسميه العلماء بالميثاق الغليظ، قال الحسن البصري وطاووس بن كيسان، وقتادة والضحاك -رحمة الله على الجميع- في تفسير قوله تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، قالوا الميثاق الغليظ: إمساكٌ بمعروف، أو تسريحٌ بإحسان، فتلك هي العصمة التي أمر الله عز وجل أن يقوم النكاح بها، فهذا الشرط لو اشترطه ولي الزوجة، أو اشترطته الزوجة على زوجها، شرطٌ شرعي هو من مقتضيات عقد النكاح، قال بعض العلماء: كان السلف إذا زوجوا أو أنكحوا الغير اشترطوا عليه وقالوا: إمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان، وفي حكم هذا الشرط أو مثله، ما يقوله العامة اليوم، يقول ولي المرأة: زوجتك على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي: زوجتك بنتي أو أختي على أن تلتزم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عِشرتها، والقيام بحقوقها، ورعايتها. قال العلماء: إذا اشتُرط هذا الشرط؛ وجب الوفاء به، ولزم الزوج أن يقوم بتحقيقه وأدائه على وجهه، فإذا أضر بالمرأة ناله الإثم والعياذ بالله من وجهين، فلو أنه عاشر المرأة ولم يشترط وليها عليه الإمساك بالمعروف والتسريح بإحسان أثم من وجهٍ واحد، وهو تضييع حق الله، مع ما للمرأة من المظلمة، لكن إذا أُخذ عليه هذا العهد في عقد النكاح أثم من وجهين، والعياذ بالله: أولاً: تضييع حق الله الذي ذكرناه. وثانياً: أن عليه عهداً لم يوف به، ونقض العهود من شيمة أهل النفاق، ومن صنيع أهل النار -والعياذ بالله- كما ذكر الله أوصافهم في كتابه، ولذلك قال العلماء إن هذا الشرط وإن اعتاده الناس وألفوه لكنه عظيم، ولذلك وصفه الله بكونه ميثاقاً غليظاً، فإذا اشترط ولي المرأة أو اشترطت المرأة الإمساك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير