تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حسن التدبير بتقييد حرية التعبير]

ـ[أبو عبدالرحمن مصطفي]ــــــــ[23 - 02 - 10, 01:40 م]ـ

[حسن التدبير بتقييد حرية التعبير]

الحمد لله الذي أكرمنا بدين الإسلام وجعلنا من خير أمة أخرجت للأنام , تأمر بالمعروف وتنهى عن الآثام , ثم الصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد بن عبد الله أشرف الرسل الكرام وعلى آله وصحبه ومن على شرعهم استقام , أما بعد:

إنك إذا نظرت إلى وسائل الإعلام (المرئية , المسموعة , المقروءة) من صحف ومجلات وتلفاز وراديو وغيرها إلا وجدت فيها كثيرين يدعون إلى مايسمونه ((حرية التعبير وحرية الاعتقاد)) فإذا طالعت صحيفة – مثلًا – قلّ أن تختمها إلا وتجد كاتبًا من كتّاب الأعمدة يدعو إلى ذلك ولكن تحت أي حجة؟ , حجتهم: الرأي والرأي الآخر , إحترام الآخرين , فتح المجال للجميع للتعبير عن آرائهم , لا بد من الانفتاح والتسامح , تقبل التعددية , تشجيع الحوار الهادف البنّاء , القضاء على مظاهر النظرة الأحادية , تقليل منهج الإقصاء وإبعاد الآخرين إلى غير ذلك من الحجج , ومن هنا تجد مسميات الصحف: الحرية , أجراس الحرية , الحرة , إلى غير ذلك من المسميات.

الدين الإسلامي به حرية لكن هذه الحرية مضبوطة بضوابط ومقيدة بقيود فمن مظاهر الحرية في الدين الإسلامي: النصيحة , التي فيها نوع من ابداء الرأي للإصلاح في كافة المجالات كما جاء في حديث تميم الداري في صحيح مسلم: " الدين النصيحة " , والشورى , التي هي إبداء الرأي في الأمور العامة بل والخاصة أحيانًا , والاجتهاد لأهل العلم في استنباط الأحكام وتقريرها على وفق النصوص الشرعية والقواعد الفقهية والضوابط الأصولية , فهذه المظاهر كلها فيها إبداء للرأي في الدين الإسلامي , لكن السؤال الذي نطرحه: ماذا يقصد أولئك القوم بحرية التعبير؟ , هل يقصدون الإصلاح في المجتمع والرقي به أخلاقيًا وسلوكيًا , هل يقصدون القيم التي حث عليها ديننا الإسلامي إلى غير ذلك من الأشياء , القوم إنما يرومون حريتهم – المزعومة – لحرية الفكر (إن لم يكن الكفر) ونشر الأخلاق السيئة والبدع والمنكرات وتشكيك المسلمين في عقيدتهم وتشجعهم على ذلك وتدعمهم مؤسسات وجهات سرية بما تجري عليهم من أموال وتفتح لهم من أبواب فهم يجدون المجال لنشر بدعهم ومنكراتهم ويهدمون العقائد ويطعنون في ثوابت الشريعة ويدعون لمنابذة الحكام , ودين الإسلام لا يلقي الحبل على القارب لكل مشكك ومخرب وفي ذلك مراعاة لمصلحة الفرد والمجتمع والأمن الفكري والعقائدي وليس الإسلام نشاذًا بل إن سائر القوانين والنظم تضع قيودًا وتحد حدودًا – وإن كانت باطلة – تراعي فيها مصالحها ونظرتها العامة لأفرادها ومجتمعها , أما الإسلام فيكفل حرية التعبير إذا كانت وفق الضوابط التالية:

1 – ألا تتضمن أمرًا يخالف الشرع سواء بالدعوة إلى فعل المحظور أو ترك المأمور.

2 – عدم اشتمالها على طعن أو تشكيك في أركان الإسلام أو الإيمان أو الحط من شأن أئمة الإسلام.

3 – ألا تتعارض مع مقاصد الإسلام وقواعده العظام.

4 – ألا تتضمن تزيين عقائد فاسدة أو دعوة إلى بدع محدثة أو الإشادة بشخصيات منحرفة – وما أكثرهم -.

5 – ألا تتعارض مع منهج السلف الصالح من الصحابة ومن سار على نهجهم في مصدر التلقي والاستدلال والفهم للكتاب والسنة.

6 – ألا تتسبب تلك الآراء في وقع فتنة بين المسلمين بتفريق صفهم وتمزيق جماعتهم وإثارة الضغائن بينهم.

7 – ألا تتضمن تلك الاجتهادات آراء تدعو للإخلال بأمن المجتمع والتحريض على الخروج على الحكام وعدم الالتزام بالتعاليم التي تحفظ النظام العام ومخالفة ما يكون سببًا في حماية البلاد من كيد الماكرين في الداخل والخارج.

هذه هي القيود التي يعبر بها الإنسان عن رأيه لأن فتح هذا الباب – على مصراعيه – يوقع في الشكوك ويتسبب في نشر الشبه وزعزعة العقيدة في نفوس العوام ويفسح المجال لأهل الأهواء والقلوب المريضة والمذاهب المنحرفة لتزيين باطلهم ونفث سمومهم وإشاعة شرورهم بحجة المجادلة والحوار وسماع الآراء المختلفة , ففتح هذا الباب للاستماع لكل ناعق سبب في تزيين الباطل وترويجه بين العوام كما أن فيه تهيئة للنفوس لتقبل سماع الطعن في دينها والتشكيك في عقيدتها , لذلك فإن منع إظهار شعائر الكفر والبدعة وجميع ما يخالف الدين سنة ماضية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير