تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المقامة الجزائرية للأستاذ محمد بوسلامة]

ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[03 - 03 - 10, 06:29 م]ـ

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فهذه مقامة لطيفة للأستاذ محمد بوسلامة حفظه الله نشرت على جريدة الاصلاح الجزائرية العدد السادس ذو القعدة /ذو الحجة 1428 الموافق ل نوفمبر/ديسمبر 2007 م ارتايت أن أنسخها لجمالها أولا ولأهمية الاشارات التاريخية التي وردت فيها فهي بحق خير تعريف بمعالم العاصمة وتاريخها حيث تستوقف القارئ الكريم عند معالم عمرانية ومحطات تاريخية لم تزل بصماتها تعبر بحق عن أصالة مدينة الجزائر وعمق حضارتها حتى قلت فيها:

شمس القلوب ونورها .. بل سرها وحنينها والراح

فلتتفضلوها مشكورين وآسف على الاسترسال:

المقامة الجزائرية

حدث محمد بن علي قال: وقفت على أطلال السور1 وهي تروي قصة العهد المنصور وما بلغه أمراء تلك القصور من شأو حجز دونه القصور من مراتب عز الدنيا والدين من عهد بابا عروج وخير الدين الى أزمنة الدايات الآخرين وقد ذكرتني خرق على طول الصور باليه برايات الحرير العاليه التي زاد علوها الأعداء اذلالا وزادتها رياح الباب الجديد2 تيها ودلالا وقد أمالتها نخوة الشرف والسناء كما يميل الغنج التدلل الغادة الحسناء ففاض من ذلك التذكار دمعي ثم ضرب على بصري

وسمعي فلم أشعر بما حولي ولم يكن ذلك من قوتي ولا من حولي ثم طغى التذكار فلازمني وأخرجني الخيال عن زمني فاذا أنا في مجلس السلطان وقد مثل3 بين يديه سفراء الأوطان وفيهم من الانجليز والمريكان والفرنسيس وقد جاءوا بكل غال ونفيس من أجل تأكيد العهود والسلامة في بحر الأسود فقبل منهم الداي4 وصرفهم في الحين وانقلبوا اذ أمنهم الى ملوكهم فرحين ثم خلت الساحة وتحول السلطان الى مجلس الأنس والراحة يصحبه الخزناجي والخليفة ومعهم شواش السقيفة ثم برزت جارية من الغرف تجل ذيول الترف عليها حلة سندسية وفي هيئة أندلسية قد ملئت حسنا كأن البدر أعارها طلعته حتى اذا اطمأن المقام أخذت في مطالع المقام على حالة لو رآها طرفة لأمسك عن قوله:

نداماي بيض كالنجوم وقينة .. تروح علينا بين برد ومجسد

رحيب قطاب الجيب منها رقيقة .. بجس الندامى بضة المتجرد

اذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا .. على رسلها مطروقة لم تشدد

اذا رجعت في صوتها خلت صوتها ... تجاوب أظآر على ربع ردي

ثم طفقت تغني الداي وقد طابة عشيته بنغم وأتاي:

سلي همومك في ذا العشية .. ما تدري باش ياتيك الصباح

قوم اغتنم ساعة هنية .. والدنيا ما هي الا مزاح

ولو درت ما جاء به الصباح5 لانقلب الغناء الى نحيب وصياح ولشغلها تعلم الرماية عن رمل الماية6 ولو درى ذلك الداي لأمرها أن تغير النغمة الى الموال6 الذي يذكر بمراثي البرامكة عند تغير الأحوال ولأمرها أن تغنيه:

الاحكام مقضية .. حكم الاله محتوم

صبر عما بيا .. والحزن ليس يدوم

هذه هي الدنيا .. ترفع وتوضع قوم 7

حتى اذا ذهب بي التذكار كل مذهب أذن مؤذن العصر فأخرجني من ذلك العصر فذهب عني ما قد عراني ثم صليت في المسجد البراني8

ثم تاقت المهجه الى حاضرة البهجة9 فسلكت ((طريق العين المزوقة)) 10 الى المدينة المرونقه حيث القصور والدويرات والعيون الجاريات فسرحت الطرف في جمالها الذي تبقى وما ذهب منها أجمل وأرقى ولكن الذي حضر شاهد على ما غبر

فذكرني جامع ((سيدي رمضان)) 11 بالفقيه الخطيب من فاق نفخه نفح كل طيب فارس المنابر وسيد القراطيس والمحابر صاحب المواعظ والفتاوى سيدي أبي يعلى الزواوي12 والذي اذا وعظ أبكي واذا طعن في نحور الغي كان أشد وأنكى فليت خطباء هذا الزمان الذاوي يقتدون بالفتى الزواوي الا أني قد دريت أنه لا ينفع شيئا ليت ثم نظرت من أعالي المدينة الى سفحها فقلت رحم من قال في مدحها:

بلد أعارته الحمامة طوقها .. وكساه حلة ريشه الطاووس

ثم أنشدت قولي فيها 13:

ان الجزائر والتاريخ ينبئكم .. كانت بكل حلي العز تزدان

كانت مكرمة في الخير ناعمة .. يسعى الى خيرها رجل وركبان

فاسأل رباها وسل ان شئت ساحلها .. واسأل قصورا بها قد عز سلطان

قد زادها ربها حسنا فكان لها ... في كل ناحية روض وبستان

اذا ترنم مقنين 14بأيكته ... تمايلت طربا بالثمر أفنان

تخال من تحت أن الشمس قد وجبت .. وان قطر الندى اذا سال شهبان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير