تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يا شقيقي!!]

ـ[محمد العُمري]ــــــــ[10 - 03 - 10, 12:00 م]ـ

يا شقيقي

عرفتُك تُحبَ الحوارَ، وتستمِعُ إلى وِجهةِ النظرِ الأخْرى .. بلْ عرفتُكَ دقيقَ المشاعرِ قريبَ الدمعةِ يمْتلىء قلبُك محبةً وحنانًا .. دعني أبثُك هُمُومي وأنقُل إليكَ بعضًا مِنْ غُمُومي، فقدْ شاركتُك فِي رحِمِ أُمي وترعْرعْتُ وإيّاك على ثرى بيتٍ واحدٍ، وأكلنا وشرِبنا سنواتٍ طويلةٍ مِنْ إناءٍ واحدٍ.

أخي .. رأيتُ البارحةَ فِي قلبِك القسوة وفظاظة الطبع، فما زلتُ أئن مِنْ الحُمَّى منْذ خْمسة أيام لم تزرني فيها إلا مرةً واحدةً على عجلٍ! رغْم أني أسكن معك في بيتٍ واحدٍ، ولا يفصل بين مرقدي الذي ألزمتني إياه الحُمَّى وبين غرفتك سوى أمتارٍ قليلةٍ، وطوال هذه الأيام الخمسة لم تفكر أن تذهب بي إلى الطبيب .. نعم لم تفكر في ذلك مطلقا.

يا شقيقي .. رأيت فيك مساء هذا اليوم العطف والحنان في أجمل صورة، فعندما بكى ابنك لمدة دقيقتين هرولت به في المستشفى وهو صحيحٌ مُعافىً، يُعاني من بداية إنفلونزا بسيطةٍ وجادلت والدته ونهرتها بأنه لا بد من عرضه على طبيب.

يا أخي .. دعنا من المرض والأمراض ـ سلمك الله منها ـ، لكني حتى في حالِ الصحةِ والعافيةِ لمْ أرْك تشاركني فرحي وحزني ولا تعرف خواطري ومشكلاتي! العام الماضي احتجت إلى كراسة وبقيت أسبوعًا أرسل الطرف نحوك أملاً ورجاءً حتى أُهديت إليَّ مِنْ قِبل زميلتي، إنها مُشكلة عندي بحجمِ هُمُومِ الدنيا أجمع، وهي كراسة دفاتر ولا غير!.

يا أخي .. لا تعرف حقي ولا تُقدّر مشاعري فعندما تقدَّم العام الماضي أحد الشباب لخِطبتي قالت لك أمي: أذهب وتحسَّسَّ مِنْ أمرهِ وأسأل عنْهُ لكنك بقيتَ صامتًا حتى سألنا بأنفسنا عنْهُ عبْرَ وسائط غير مأمونة وكأن الأمر لا يعنيك.

يا أخي .. وشقيقي .. لا أعرف أن لي عليك حقًا لما أراه من صدودك وهجرك، حتى أخوًّة الإسلام والابتسامة التي حث عليها الرسول لا أراها منك ولقد مرت أعياد وأنا أسمع صوت ضحكاتك تهز أركان غرفتك ومجلسك.

يا أخي .. مرت سنوات بعد وفاة والدي وأنا لم أجد منك يدًا حانيةً ونصيحةً تُوجه حياتي، فبقيتُ شجرةً خضراء في مهبِ الريحِ لا أعرف ماذا تنتظر.

يا أخي .. ما زلت أعتمد على مصروفي الشخصي من الجامعة رغم قلته، ولا يخفى على مثلك حاجة المرأة إلى التزين واللباس خصوصا في مثل سني، وتعرف ذلك جيدا بما تصرفه على زوجتك من مبالغ باهظة وضنت نفسك بالقليل علي.

يا أخي .. تاهت بي الظنون ووسوس لي الشيطان أنك لن تحمل جنازتي، ولن تذهب بي إلى المقبرة، فالطريق طويل والحر شديد، فهل هذا سوف يقع منك؟.

يا شقيقي .. أنا امرأة كسيرة ضعيفة وما هذيت به هو من أعراض الحمى، وإلا فلي سنوات وأنا أحيل دمعتي إلى ابتسامة حين ألقاك، وأجمع ضعفي لأكون خادمة مطيعة لك ولزوجتك وابنك، وإن كسرت قلبي فقد أحببت قلبك، وإن تحطمت آمالي فقد أحييت أملك، وإن ذبلت زهوري فقد سقيت زهورك بدمع عيني وماء حياتي، وهذا أقل حقوقك يا شقيقي.

أخي .. قبل أن أودعك أبشرك بحديث الرسول الذي رواه الإمام أحمد يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: " من عال ابنتين أو ثلاثا أو أختين أو ثلاثا، حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها".

قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.

أخي .. جعلك الله هاديا ومهديا وأقر عينيك بصلاح زوجك وأولادك.

التوقيع:

شقيقتك

(سنبلة قلم)، للشيخ عبدالملك القاسم، ص: (104ـ 106).

ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[11 - 03 - 10, 09:59 ص]ـ

جزاكم الله خيرا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير