تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وما قدروا الله حق قدره]

ـ[عبدالعزيز السريهيد]ــــــــ[05 - 04 - 10, 11:55 م]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة على خير الأنبياء المرسلين وبعد:

للناظر أن يسأل ما سبب وقوع الكثير من المسلمين في المعاصي على الرغم من علمهم بحرمتها وخطورتها وفداحتها في الدنيا والآخرة؟

الجواب: أظن أن السبب لا يخرج عن ثلاثة أمور:

الأول: الأمن من مكر الله.

الثاني: عدم تعظيم الله.

الثالث: عدم معرفة سنة الله في عقاب المخالفين لأمره.

هذا من ناحية الإجمال أما على التفصيل فأليك هي:

الأول: الأمن من مكر الله:

قال تعالى: ((أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ? فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) الأعراف: (99)

ومكر الله هو إيصال العقوبة إلى من يستحقها من حيث لا يشعر.

والأمن من مكر الله من أعظم الذنوب وينافي كمال التوحيد، كما أن القنوط من رحمة الله ينافي كمال التوحيد. وهذا يجعل المؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء.

ومعنى الآية: أن الله تبارك وتعالى لما ذكر حال أهل القرى المكذبين للرسل بين أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن من مكر الله وعدم الخوف منه كمال قال تعالى: ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى? أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى? أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ? فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) (99) الأعراف.

أي الهالكون. وذلك أنهم أمنوا مكر الله لما استدرجهم بالسراء و النعم، فاستبعدوا أن يكون ذلك مكرا.

قال الحسن البصري: من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له.

وقال قتادة: بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سلوتهم ونعمتهم وغرتهم. فلا تغتروا بالله.

وقال إسماعيل بن رافع: من الأمن من مكر الله: إقامة العبد على الذنب، يتمنى على الله المغفرة.

وفي الحديث: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج. رواه أحمد.

فمكر الله: أن يستدرجهم بالنعم إذا عصوه، ويملي لهم، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر من حيث لا يشعرون.

الأمر الثاني: عدم تعظيم الله سبحانه وتعالى: (وما قدروا الله حق قدره .. ). وإنك لتعجب وأنت ترى أو تسمع كلمات أو كتابات تصدر من أناس يحسبون على المسلمين ويحملون أسماء إسلامية تصدر منهم أقوال وأفعال ليس فيها أي اعتبار لعظمة الله أو الخوف منه سبحانه الملك العظيم

فهل عظم الله ذلك الكاتب الخبيث عندما قال: الله والشيطان وجهان لعملة واحدة!

و هل عظم الله ذلك الشاعر الهالك عندما قال: رأيت الله في عمان مذبوحا على أيدي أهل البادية غطيت وجهي وقلت هذه كربلاء الثانية!!

أم عظمه ذلك الرسام الذي رسم رسومات كريكاتيرية عبارة عن تسع دجاجات وديك وكتب تحتها: محمد جوز التسعة!

و هل عظمه المتلاعبون بالفتاوى، وهل عظمه أصحاب تمييع الدين تحت مسمى فقه التيسير و كأن الإسلام دين أغلال وقيود وحرمان و تكبيل! تبا لكم جميعا.

نعم، عندما غاب تعظيم الله في القلوب تجرأت عليه وعلى معاصيه سبحانه وغرهم حلمه وصبره سبحانه ربي.

وإن لم يقم الكثير من البشر لله وزنا فإن هناك من المخلوقات الأخرى من يعظم الله وينزهه و يقدسه سبحانه. نعم، لقد عظمه:

الوجود كله: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ? وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَ?كِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ? إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)) الإسراء: (44)

((وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)) النحل: (49).

((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ? وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ? وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ? إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ?)) الحج: (18)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير