فالأمة العاتية المغرورة المستكبرة أمة تعرضت لعقوبة الله، ونازعت الله ما يستحقه من الكبرياء والعظمة، قال تعالى: ((وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى)) النجم: 50 –52
قال الطبري: " يقول تعالى ذكره: وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، إنهم كانوا هم أشد ظلماً لأنفسهم وأعظم كفراً بربهم وأشد طغياناً وتمرداً على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم، وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به، وأنهم كانوا بذلك أكثر طغياناً من غيرهم من الأمم".
قال تعالى: ((أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) الروم: 9.
قال ابن كثير: "كانت الأمم الماضية والقرون السالفة أشد منكم وأكثر أموالاً وأولاداً، وما أوتيتم معشار ما أوتوا، ومكنوا في الدنيا تمكيناً لم تبلغوا إليه، وعمروا فيها أعماراً طوالاً، فعمروها أكثر منكم، واستغلوها أكثر من استغلالكم.
روى الحاكم في مستدركه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه دخل على عائشة هو ورجل، فقال لها الرجل: يا أمّ المؤمنين؛ حدّثينا عن الزلزلة، فقالت: إذا استباحوا الزنى، وشربوا الخمور، وضربوا بالمعازف؛ غار الله عزّ وجلّ في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم، قال: يا أمّ المؤمنين: أعذاباً لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين، ونكالا وعذابًا وسخطًا على الكافرين. فقال أنس: ما سمعت حديثًا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنا أشدّ فرحًا منّي بهذا الحديث.
روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: ((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)) الأنعام: 65
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بوجهك) قال: ((أو من تحت أرجلكم))، قال: (أعوذ بوجهك) قال: ((أو يَلبسكم شِيَعاً ويذيق بعضكم بأس بعض))، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا أهون أو هذا أيسر).
قال مجاهد (من فوقكم) الصيحة والحجارة والريح (أو من تحت أرجلكم) قال الرجفة والخسف.
قال كعب: إنما تتزلزل الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي؛ فترعد فَرَقاً من الرب عزوجل أن يطلع عليها.
إن مايحدث اليوم في العالم من زلازل وبراكين وفيضانات ونكبات إقتصادية وخسائر مادية سببها الابتعاد عن منهج الله.
لقد عمّ قومَ نوح الطوفان، وأهلكت عاداً الريحُ العقيم، وأخذت ثمودَ الصيحةُ، وقُلبت على قوم لوط ديارهم فجعل الله عاليها سافلها وأمطر عليها حجارة من سجيل منضود، وأغرق الله فرعون وقومه، وخسف بقارون الأرض، لماذا؟
قال تعالى: ((فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) العنكبوت: 40 وقال تعالى: ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) الروم41، وقال تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) الشورى: 30.
¥