تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[01 - 05 - 10, 05:40 ص]ـ

و صدقني أخي الكريم فقد سمعت أنه من أدمن على الأذكار و الدعاء فإن الله يفتح عليه من واسع فضله من فهم المعاني واكتشاف الدقائق و الإشارات الخفية ...

و عندي صديق طالب علم و هو يحقق في كتاب و دائما يقول لي تصدق أنا لا أفهم لكن الله يفتح علي و يفهمني ويدلني على مراجع وكتب تسهل لي تخريج الأحاديث و اكتشاف أسماء الرجال في الأسانيد بشكل عجيب ... ((فاتقوا الله و يعلمكم الله))

ما أعظم شأن الدعاء .. الله ما يخيب راجيه

عرفته طالب علم كثير القراءة والإنطراح على الكتب , سريع الفهم , قوي الذاكرة ..

لكنه كان منزويًا في بيته لا يخرج ومكث على هذا الوضع مدة ليست بالقليلة

وكان سبب ذلك عدة أمور ألمت به:

1 - لأن إقامته قد انتهت ولم يكن يستطيع أن يجددها لقلة توفر المادة.

2 - كانت أحواله المادية العامة ضعيفة جدًا.

3 - تعدى عمره الـ 30 سنة ولم يتزوج.

4 - كان لا يملك سيارة تقله لأي مكان يريده.

5 - لم يكن يعمل بسبب انتهاء إقامته.

6 - لم يستطع إكمال دراسته أيضًا.

7 - عقبات كثيرة كانت في طريقه.

ورغم هذا كله كان صابرًا متعفف, أتُي إليه بعشرة ألف ريال من محسن كان أراد أن يتبرع بها, فلم يأخذها مع إلحاح الملحين عليه بأن يقبلها ويستفيد منها كونه كان محتاجًا ومن أحق الناس بها!.

دخلت عليه في بيته في إحدى المرات كعادتي أحب مجالسته لحسن أدبه, وجميل أخلاقه, ولنصائحه النافعة, فتحادثنا معًا, وتجاذبنا أطراف الحديث, وضحكنا, وتعرضنا لأمور عدة.

وفي آخر المطاف سألته:

حبيبي فلان .. أريد أن أسألك وأتناقش معك في أمر مهم يتطلب علي إيراده كونك أخٍ في الله, ولا أخفيك كنت أبحث عن هذه الفرصة منذ مدة لأتناقش معك فيها, فأرجو أن يتسع صدرك لي .. ؟

فقال لي: تفضل.

قلت له: إلى متى وأنت هكذا على وضعك هذا .. ؟!

لا عمل ولا مال لك , ليلك ونهارك في هذه الغرفة فقط , تقرأ وتقرأ وتقرأ!

أنا لا أعترض على القراءة فالقراءة وطلب العلم الشرعي كنز عظيم مَن فتح الله له فيه فقد أفلح إن شاء الله.

لكن يا أخي هنالك حقوق لنفسك أرى أنك قد هضمتها ولم تبالي بها؟

انزل يا أخي وغير هذا الروتين قليلا حتى تنتعش حياتك, تحرك وابحث لك عن حل لإقامتك, لزواجك, لشراء سيارة لك, لإكمال دراستك في الجامعة ... ,

نظر صاحبنا هذا فوجد أن حديثي معه صحيحًا فبدأ يتحرك ويسعى ويأخذ بالأسباب

ومع هذا فقد أصبح مواظبًا على الدعاء.

فأغلب مواطن ومواضع الأوقات التي يجاب فيها الدعاء كنت أجده فيها متوجهًا للقبلة رافع كفيه وفي وسطهما الكتيب الأخضر الصغير المبارك (الدعاء من الكتاب والسنة) للشيخ سعيد بن وهف القحطاني الذي عُرف بـ[الفقير إلى الله تعالى] كما يسميه بعض العامة.

ومرت فترة وصاحبنا هذا هكذا لا يفارق هذا الكتيب الصغير جيبه الأمامي وفي كل وقت مبارك يستجاب فيه الدعاء يرفعه ويدعو منه:

-- بين الأذان والإقامة

-- في رمضان

-- وهو معتكف بالمدينة

-- وفي دبر الصلوات المكتوبات

-- وفي يوم الجمعة

-- وفي طوافه بالكعبة المشرفة .. وغير ذلك.

ومرت فترة وهو هكذا على هذا الحال وقد تتجاوز السنة.

فكنت أرى أنه يُفرج عنه شيئا فشيئا ويفتح الله عليه ويغدق عليه من فضله ورحمته وكرمه!

ومازلت أرى عناية الله له ورعايته حتى جدد أخانا هذا إقامته , واشتغل في وظيفة مرموقة.

ثم فتح الله عليه في تجارة صغيرة أكرمه الله بها بمبلغ جيد يكفيه زواجه فاستأجر منزلا جميلا وأسسه أساسًا جيدًا.

ثم بحث عن فتاة ورغب إلى الله في أن يكرمه بزوجة حسنة صالحة طيبة وألح وطلب ودعا , فلطف به الرحمن الكريم المنان الرحيم وزوجه بفتاة قرة عينه بها حتى أني وأنا أحمل وأنقل معه بعض حاجات بيته الجديد وجدت بين الصناديق صندوقًا فيه كتبًا علمية مفيدة ومن ضمنها كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله تعالى -[طبعات دار عالم الفوائد] فاستغربت من وجودها فأنا أعرف مكتبته ليس بها هذه الكتب وحالته لا تستدعي أن يشتري كتبًا لأن ماله الذي في حوزته المفترض أن يسخره لإتمام زواجه.

فسألته: ما شاء الله يا فلان مبروك عليك هالكنز الثمين.

فقال لي: هذا ليس لي إنه لامرأتي!

فدهشت من عطية الله له وصدق من قال: (إن الله إذا أعطى أدهش).

فقد كان أخانا هذا يتمنى فتاة دينة من بيت صالح طيب فأعطاه الله ما أراد وزاده أنها طالبة علم متميزة كما حدثني.

ثم التحق بقسم الدراسات العليا بدار الحديث بمكة ورغم أنه بجدة , وأنه منتسب , وانشغاله في تحصيل رزقه , إلا أنه بحول الله وقوته كان يأتي بامتياز بدرجات عالية , و السادس , أو الخامس على الدار , لا يتعدى هذه المستويات.

وها هو اليوم في السنة الثالثة عالي في الدار.

ثم أكرمه الله واشترى سيارة مؤخرا جميلة مناسبة له .. إلى غير ذلك من المنن الربانية التي يمن الله بها عليه في كل يوم .. وتغير حاله من حال إلى حال ,

فتيقنت بعد هذا كله أن الدعاء سلاح معطل , ما أجدنا استخدامه, وفرطنا فيه رغم تعلمنا لآدابه , ولأوقات إجابته, فقد كنت أنا الناصح بالأقوال وهو الناصح بالأفعال!.

فندمت على تفريطي في هذا الجانب واسترجعت وقررت أن لا أدع الدعاء أبدًا إن شاء الله ...

ولازال صاحبنا هذا نسأل الله أن يبارك له وعليه إلى آخر لحظة متمسك بكتابه الأخضر يدعو به ... نسأل الملك من فضله

جزاك الله خيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير