[رسالة إلى محجبة ... لكن على الموضة بقلم الشيخ محمد شومان الرملي]
ـ[أبو معاوية الأردني]ــــــــ[04 - 05 - 10, 01:01 م]ـ
رسالة إلى محجبه … لكن على الموضه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد؛ فيا أيتها الأخت الطيبة الفاضلة، فإن من المعلوم أن المرأة بفطرتها وطبيعة خلقتها تحب أن تكون جميلة محبوبة، وقد أباح الشرع لها أن تتزين بأنواع من الزينة، وتتجمل في لباسها وهيئتها، وتظهر جمالها ووضاءتها، لكن إنما يكون هذا لزوجها ومحارمها (كما سيأتي)، ويكون بحدود شرعية دون إسراف أوتجاوز، ودون تغيير لخلقتها، أومخالفة لفطرتها، أو تناقض مع أنوثتها.
وقد منع الله تعالى المرأة من إظهار زينتها لغير من أباحهم بقوله:] ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن [إلى قوله تعالى:] ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون [(النور/ 31).
وقال سبحانه] يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، وكان الله غفوراً رحيماً [(الأحزاب /59).
فتدبري أختاه كلام الله تعالى، وأطيعي أمره، وانتظمي في سلك عباده الصالحين، وإمائه المتقين.
واعلمي أن جلبابك الفضفاض شعار شرفك وحشمتك، وخمارك الهادئ على رأسك وصدرك تاج وقارك وقلادة رفعتك، ومِشيتك المتزنة بحذائك المنخفض رمز أدبك ونبلك، وعلامة عفتك وحيائك، تدوسين به كل القيم الفاسدة، والعادات السيئة، مترفعة عن حطام الدنيا وزخرفها، متنزهة عن خسيس الأمور وسفسافها، متطلعة نحو معاليها وأشرافها.
وأنت أيتها الأخت الكريمة إذا سترت وجهك فإنما تسترين قمر دجىً وبدر تمامٍ، تنزهينه وتشرفينه أن يراه سوى من أباح الله له ذلك.
لا تظني أن لباسك الشرعي يحط من قدرك وشأنك، ولا تحسبي أنه يقلل من قيمتك وجمالك، الأمر بعكس ذلك تماماً، ما أمرك الله تعالى به إلا تشريفاً لمقامك وتكريماً لمنزلتك، يا مربية الأجيال، يا سيدة الأسرة،يا لبنة المجتمع، يا فتاة الشرف والعفة، يا أخت الفضل والأنفة، يا أم الحنان والرقة.
واعلمي أختاه أن الشاب الكريم الشريف، والرجل العاقل العفيف،لا يريد منك إلا هذه الأخلاق والشمائل، ومن رضي الساعة بحالك،فإنه لن يرضى به إذا أرادك زوجة، أو أختاً، أو أماً؛ لأنه
سيختار الشريفة العفيفة التي تصون نفسها أن يراها أحد، فضلاً عن أن يجالسها أو أن تمسها يده.
إنه يريدك أختاً جمعت الآداب، وأماً حازت الفضائل، يريد نصحك، ويأنس برأيك، ويأوي إلى حنانك.
أختاه: أنت الدّرّ المصون، واللؤلؤ المكنون، أنت من يحسدنا الغرب على عفته وحيائه، فلا تشيني وجه حيائك، ولا تدنسي ثوب عفافك، أنت رأس مالنا، وطهارتك شرفنا، وأدبك عزنا، وصلاحك نصرنا.
يا مليحة الاسم، اجمعي إلى جمال اسمك جمال خُلُقك.
يا جميلة الوجه والظاهر، أضيفي إليه جمال القلب والباطن.
أختاه: أكتب إليك هذه السطور وقلبي يعتصر أسى عليك، ويمتلئ حزناً من أجلك، أنا الخائف عليك - والله -، أنا الناصح لك، أنا الذي أريد الخير لك والصون، أنا الذي أمد لك يد العطف والعون، لا من يظهر لك الرضا بحالك، والسرور بما أنت عليه، إنه - والله - غاش لك، لا يريد صلاحك البتة.
لو فكرت بتجرد وإخلاص، ونظرت بروية وتدبر؛ لأيقنت بما ذكرته، وجزمت بما كتبته، فاسمعي لي، واقبلي نصحي، وتيقظي لما أقوله، فإني مشفق عليك، ومتألم لحالك.
وأهم ما يقلقني، وأشد ما يؤلمني، هو اعتقادك أن ما أنت عليه هو الحق، وتزيين الشيطان لك أن ما ترتدينه هو اللباس الشرعي،وليس هو كذلك،فاللباس الذي أمر الله به له شروطه، فعليك بمعرفة ذلك وتعلمه، وأنت العاقلة الحكيمة، إن شاء الله.
وأذكر لك بهذه المناسبة قصة فتاة شابة - أعرفها - حالها كحالك، وهمها كهمك، عندها من الدنيا من الملابس والحلي والزينة ما لا يوصف جمالاً وكثرة، تعيش في أحسن حال من الغنى والدّعة والراحة، لكنها مقصرة في حق الله تعالى، فاجأها وبدون مقدمات مرض الموت، فما كانت إلا أيام، وإذا هي في أصحاب القبور، فلا سعدت بما جمعت، ولا نالت ما أملت، وماتت وهي متحسرة على طاعة ربها عز وجل، تود أنه زِيد في عمرها أيام تدرك فيها ما فاتها من العمل الصالح،أسأل الله أن يغفر لها ويتجاوز عنها.
وقصة أخرى حقيقية تجري - والله - أحداثها الآن (وأنا أكتب هذه الكلمات)، فتاة جميلة متدينة، تحافظ على اللباس الشرعي وسائر الطاعات، فاجأها مرض عضال، وهي الآن في هذه الساعة على فراش المرض، إنها مع ما هي فيه من الشدة والألم تشكر الله تعالى أن هداها وألهمها تقواها، وتحمده سبحانه أن جعلها عفيفة مصونة، تقول بلسانها:أسألك اللهم العافية، وإن قضيت
سوى ذلك فإنني أحمدك أنك لم تخرجني من الدنيا إلا وأنا على طاعتك، وعلى ما أمرت به من العفة والستر.
فقارني أختاه بين هاتين الفتاتين، واختاري لنفسك أيتهما تودين أن تكوني لو فاجأك الموت، أسأل الله لك دوام الصحة والعافية، والعمر المديد في طاعته سبحانه وذكره والإقبال عليه، فإنها والله هي الحياة وما سواها فعناء وتعب وشقاء.
وتدبري قول الله تعالى:] يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون [(الأنفال/24).
فالمبادرة المبادرة قبل فوات الأوان، والمسارعة المسارعة قبل ذهاب فرصة الإمكان، قبل أن يحال بينك وبين آمالك وأحلامك.
وقد قال بعض السلف: كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكمله، ومن مؤملٍ غداً لا يدركه؟! إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره؛لأبغضتم الأمل وغروره.
وقيل: لو ظهرت الآجال؛ لافتضحت الآمال.
وقال الشاعر:
أُؤَمّل أن أُخَلّد والمنايا تدور علي من كل النواحي
وما أدري وإن أمسيت يوماً لعليَ لا أعيش إلى الصباحِ
هذا، وبالله التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد شومان مجدلاوية
الأردن - عمان
¥