تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندما كنت عنده مع مجموعة من الأخوة في دورة لحفظ كتاب الله تعالى، كانت (عبوة الغاز) التي نستعملها في الطبخ قد نَفِذَت وكان للغداء موعد محدد، وكان قد اتصل برجل ليذهب معه بسيارته لاستبدال العبوة، لكن الرجل تأخر عليه، فخاف الشيخ أن يؤدي هذا إلى اضطراب برنامجنا اليومي، فقد كان حريصاً على وقتنا غاية الحرص، ولم يُرِد أن يشغل أحداً منا عن حفظه بهذا الأمر، فإذا به - رحمه الله - ودون أن نشعر به يحمل العبوة على ظهره، ومضى بها حتى استبدلها ورجع رغم بعد المسافة. < o:p>

وكان - رحمه الله - لا يؤذي إخوانه بأدنى شيء، بل كان رؤوفاً بهم، وأذكر مرة أني ذكرت فائدة أمامه فقال: سبحان الله! لهذا يقول لنا مشايخنا استمعوا حتى لمن هو أقل منكم ... فإذا به يمسك عن الكلام، وقد تغير وجهه حزناً لما قاله، لظنه أن هذا الكلام قد جرحني، كلا وربي فإني لأشهد أن بيني وبينه كما بين الثرى والثريا، لكنه - رحمه الله - كان رؤوفاً بمن حوله، وكيف لا يكون كذلك وهو لازم لغرز النبي " صلى الله عليه وسلم " الذي أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه (بالمؤمنين رؤوف رحيم). < o:p>

وقد حدثني أحد تلاميذه أنه عندما كان مقيماً معه في مسجده أتاه صديقان ليحكم بينهما وكان قد نشب بينهما نزاع، ولما كانا عنده ارتفع صوتهما: قال: فدخلت وسألتهم ما الذي يجري؟ فإذا الشيخ يقول لي بحزم: لا تتدخل في هذا الأمر، فخرجت وليس في قلبي شيء على الشيخ لأنه كان محتداً بسببهما، فذهبت إلى المسجد وجلست فيه، فلما خرجا من عنده ذهبت إليه، فدخلت غرفته فإذا به قد غطى وجهه وهو يبكي فقلت له: لماذا تبكي يا شيخ؟ فألتفت إلي وإذا به يقول: لعلي أغضبتك حين كلمتك بشدة، واخذ يستسمحني، فرحمة الله عليه كم كان مرهف القلب، وكم كان يراعي مشاعر إخوانه .... < o:p>

وأما طلبه للعلم، فهو في هذا فارس لا يسبق وجواد لا يلحق، فقد كان - رحمه الله - منكباً على العلم الشرعي، بذل نفسه ووقته في تحصيله، وقد ذكر فضيلة الشيخ رمضان الجلاد - حفظه الله - أن الشيخ لما أراد أن يبدأ بطلب العلم الشرعي جاءه ليستشيره فيما يبدأ به بعد كتاب الله تعالى، وقد كان قد وُفِّقَ لحفظه غيباً وحصل على إجازة بعدما قرأه على فضيلة الشيخ محمد غزلان - حفظه الله - بالسند المتصل إلى النبي " صلى الله عليه وسلم "، فنصحه الشيخ بسماع شروحات العلامة الفقيه الأصولي فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - فشكى إليه أنه لا يملك مسجلاً، فأخذه إلى محل صديق له، فتبرع له ذاك الصديق بمسجل، فبدأ الشيخ بسماع تلك الشروحات كشرح الواسطية، وشرح ألفية ابن مالك وغيرها وقام بتلخيص ما سمعه.< o:p>

وانكب على حفظ المتون كالأجرومية والبيقونية والجزرية ونونية القحطاني والعقيدة الواسطية والسفارينية، وملحة الإعراب وألفية ابن مالك وغيرها، وقد حدثني أحد سكان قريته – ساكب – أنه كان يصلي الفجر مع الشيخ في المسجد، وأن الشيخ كان يبدأ بعد الصلاة بحفظ المتون، فيمسك المتون في يده، ويبدأ بالمشي فهذه عادته أثناء الحفظ، يقول: فكنت أعود إلى البيت فأنام ساعة من الزمن ثم أستيقظ وأتناول إفطاري ثم امضي لعملي، فكنت أمر بالمسجد الذي صلينا فيه، فأرى الشيخ من خلال نوافذ المسجد وهو لا يزال يمشي ويحفظ المتون على هيئته التي أراه عليها بعد صلاة الفجر.< o:p>

وذهب الشيخ - رحمه الله - إلى مكة المكرمة، والتحق بدورات فضيلة الشيخ يحيى اليحيى - حفظه الله - لحفظ السنة النبوية، وقد لقي بعض الأخوة من مدينتنا الشيخ يحيى اليحيى بعد وفاة الشيخ رامز - رحمه الله - فحدثهم عما رآه من الشيخ من علو الهمة والمواظبة على طلب العلم والصبر على التعلم، وكان من بين ما حَدَّثَ به: أن الشيخ - رحمه الله - كان أكثر الطلاب حفظاً، ومع ذلك كان حفظه أجود من حفظهم جميعاً، وأنه أنهى حفظ الصحيحين خلال شهر واحد فقط، وذكر انه ما رأى مثل هذا الشيخ وكان يتكلم عما رآه منه والدموع تنهمر من عينيه كما حدثني الأخوة، وقد أكرم الله الشيخ - رحمه الله - بحفظ الكتب الستة وغيرها. < o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير