5 – بعد ذلك تقرأ نخبة الفكر لابن حجر في علوم الحديث على شيخ عارف بهذا الفن وحاول أن تحفظ البيقونية معها فهي منظومة مختصرة لا تأخذ في حفظها يومين أو ثلاثة وبهذا تكون أخذت قسطاً لا بأس به من علم المصطلح.
6 – بعد ذلك تقرأ كتاب الأصول للشيخ محمد العثيمين في أصول الفقه، ومنظومة القواعد الفقهية للشيخ السعدي، والآجرومية في النحو.
7 - بعد ذلك تكون قد كونت قاعدة لا بأس بها من العلوم كمفاتيح لطلب العلم وبعدها يكون الطلب في المرحلة المتوسطة عن طريقين:
أحدهما: الدخول في الكتب المتوسطة والمطولة وقراءتها على العلماء في مختلف الفنون:
كالطحاوية بشرحها والتدمرية في العقيدة، والزاد في الفقه، وألفية العراقي أو السيوطي في علوم الحديث، ومراقي السعود في أصول الفقه، وألفية ابن مالك في النحو، والرحبية في الفرائض، ومقدمة التفسير لابن تيمية.
الثاني: كثرة القراءة فيما سبق تعلمه من علم العقيدة والفقه والحديث والأصول وذلك بالنظر إلى كتب المحققين في العقيدة والفقه والحديث والتفسير وأصول الفقه كابن عبد البر والنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن رجب وابن دقيق العيد و العز بن عبد السلام والقرافي والشاطبي وابن حجر والشيخ السعدي والشيخ ابن باز والشيخ المحدث الألباني والشيخ محمد العثيمين رحمهم الله جميعاً، وتقرأها قراءة جرد لا قراءة تعليق وشرح فالقصد منها المرور والاطلاع وتأصيل ما سبق والنظر فيما جد من مسائل واصطلاحات لم تمر عليك من قبل.
ثم أنبه على أمور ينبغي أن تهتم بها في سيرك السابق:
الأول: احرص دوماً على أن تكون الدروس جماعية لئلا تنقطع بسببك أو بسبب شيخك فبالمجموع يتشجع الجميع ويستمر الدرس.
الثاني: لا تحرص على كثرة المعلومات والمسائل في البداية قدر حرصك على قراءة تلك الكتب والمتون وحفظها وليكن اختيارك لشيخك مبنياً على هذا فيكتفي بشرح المتن وتوضيحه ثم الاستمرار دون تشقيقات لئلا يبقى المتن مدة طويلة تثبط معها الهمة وينقطع الدرس ويضيع المقصود من المتن.
ومن باب التجربة أقول قد كنت شرحت كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قبل سنوات واستغرق نحو ثلاث سنوات وحينما طلبت من الإخوة النظر في الشرح وجدته في مذكرات كبيرة فقرأتها فوجدت فيه النحو وأصول الفقه والحديث ودراسة الأسانيد والكلام على الرجال ومسائل من الفقه فضاع كتاب التوحيد بين هذه المسائل وضاع المقصود من الدرس وهذا من أكبر الأخطاء في التدريس فالهدف من كتاب التوحيد معرفة المقصود من الباب والربط بين الترجمة وما تحته من نصوص ومعرفة حكم المسألة المذكورة في الباب فقط وليس المقصود دراسة مسائل النحو والأصول والحديث.
فيأتي أحدنا ليشرح (واعبدوا الله) فيقول اعبدوا فعل أمر والأمر يقتضي الوجوب على الراجح والمسألة اختلف فيها على أقوال ثم يدخل في شرح المسألة وذكر الأقوال والأدلة والمناقشات فينقلب درس أصول ثم تأتي مسألة نحو فيستطرد فيها ثم يأتي حديث فيبدأ بذكر الأسانيد والعلل والشواهد والمتابعات وذكر أقوال الأئمة في الرجال وهكذا فيضيع المقصود من سياق الآية في الباب بين هذه المسائل ويضيع الهدف من دراسة الكتاب فهذا غلط ينبغي للمعلمين والطلاب التنبه له وأن يكون الهدف واضحاً والغاية.
الثالث: احرص على التتلمذ على من يتقن الفن الذي تدرسه وكلما كان أكبر سناً وعقلاً فهو أفضل.
الرابع: احرص على الاتصال بالعلماء وطلبة العلم في كل مكان وإن لم تدرس عندهم فتستفيد منهم في آرائهم وتوجيهاتهم وخبراتهم وترجيحاتهم فتصل إلى خلاصة علومهم بأقصر وقت.
الخامس: احرص على الاستمرار في الطلب والقراءة على العلماء حتى وإن كبر سنك وكثر علمك وتصدرت للتدريس فإن هذا فيه فوائد علمية وتربية لطالب العلم.
السادس: احرص على كتابة بحوث في بعض المسائل وجمعها والتدرب عليها بعد تحصيل ما سبق من علوم وحفظ تلك المتون ففي البحث زيادة العلم والدربة وتثبيت العلم.
السابع: احرص على اقتناء الكتب الأصلية في مختلف الفنون والنظر في كل جديد من مؤلفات وبحوث.
الثامن: ابتعد عن شواذ المسائل فإنها تنفر منك العلماء وتورث الجفاء بينك وبينهم وتوقعك في المزالق ولذا تجد أكثر من يقع فيها قليل الاتصال بالعلماء وغالب علمه يأخذه من الكتب.
التاسع: تواضع في طلب العلم ولا تمنعك نفسك عن أخذ العلم والفائدة ممن يعلمها ويتقنها حتى وإن كان أصغر منك سناً أو أقل منك مكانة فالقصد هو العلم ولن يحصل العلم متكبر فالعلم يحتاج لترويض النفس في الخضوع لأهل العلم والتأدب معهم ولن تنال ماعندهم غلا بطيب أنفسهم لك وكم حرم ناس من العلم لجفائهم مع أهله فحرموهم علومهم لقصد تأديبهم.
العاشر: لا تستعجل العلم فلا تدركه فالحفظ والاتقان والفهم لمجموعة هذه العلوم يحتاج إلى عمر ووقت طويل ومن لا يرى نفسه قادراً على التحمل والصبر سنوات فلا يتعب نفسه فليس العلم طريقه.
والله أعلم