[قصة الشاب المتعبد والمرأة الجميلة]
ـ[ابومحمد عبدالله العلي]ــــــــ[09 - 06 - 10, 12:49 م]ـ
[قصة الشاب المتعبد والمرأة الجميلة]
حكي أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال:
كان عندنا بالكوفة شاب متعبد ملازم للمسجد الجامع لا يكاد يخلو منه, وكان حسن الوجه حسن الصمت, فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به , وطال ذلك عليهما.
فلما كان ذات يوم وقفت له علي طريق وهو يريد المسجد , فقالت له: يا اسمع مني كلمة أكلمك بها ثم اعمل ما شئت. فمضي ولم يكلمها. ثم وقفت له بعد ذلك علي طريق وهو يريد منزله فقالت له: يا فتي اسمع مني كلمات أكلمك بهن. قال: فأطرق مليا، وقال لها: هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعا. فقالت: والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك , ولكن معاذ الله أن يشرف العباد لمثل هذا مني, والذي حملني علي أن ألقي في هذا الامر نفسي معرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير , وأنتم معاشر العباد في مثل هذا القري يغيركم أدني شئ , وجملة ما أكلمك به أن جوارحي مشغولة بك , فالله الله في أمري وأمرك. قال: فمضي الشاب إلي منزله فأراد ان يصلي فلم يعقل كيف يصلي , وأخذ قرطاسا وكتب كتابا وخرج من منزله , فإذا المرأة واقفة في موضعها , فالقي إليها الكتاب ورجع الي منزله.
وكان في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. اعلمي أيتها المرأة أن الله تبارك وتعالي إذا عصي مسلم ستره, فإذا عاد العبد في المعصية ستره , فإذا لبس ملابسها غضب الله عز وجل لنفسه غضبة تضيق منها السموات والأرض والجبال والشجر والدواب. فمن يطيق غضبه! فإن كان ما ذكرت باطلا فإني أذكرك يوم تكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن، وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم، فإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف عن غيري. وإن كان ما ذكرت حقا فإني أدلك علي طبيب يداوي الكلوم الممرضة والاوجاع المومضة ذلك رب العالمين , فاقصديه علي صدق المسألة , فأنا متشاغل عنك بقوله عز وجل: (وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع , يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق). فاين المهرب من هذا الاية!.
ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت علي طريقه , فلما رأها من بعيد أراد الرجوع الي منزله لئلا يراها. فقالت له: يا فتي لا ترجع فلا كان الملتقي بعد هذا إلا بين يدي الله عز وجل. وبكت بكاء كثير شديدأ , وقالت: أسأل الله الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما عسر من أمرك. ثم تبعته فقالت: أمنن علئ بموعظة أحملها , وأوصني بوصية أعمل عليها. فقال لها الفتي: أوصيك بتقوي الله وحفظ نفسك، وأذكري قول الله عز وجل: (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) قال: فأطرقت فبكت بكاء شديدأ أشد من بكائها الاول , و لزمت بيتها , واخذت في العبادة , فلم تزل كذلك حتي ماتت كمدا. فكان الفتي يذكرها بعد ذلك ويبكي رحمة لها. انتهت.
فهذه المرأة , وأن لم تنل من محبوبها أملا, فقد نالت به قصد صالحا وعملا , فرزقها الله بسببه الانابة، وسهل عليها بموعظته العبادة، ولعلها في الآخرة يتحصل قصدها ويجتمع بمن أحبته شملها.
{ذكر هذه القصة العالم الاندلسي ابي يحي محمد بن عاصم الغرناطي المتوفي 857 هجرية في كتابة: جنة الرضا}.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[09 - 06 - 10, 02:09 م]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي الكريم على هذه القصة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصالحين.
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[14 - 06 - 10, 10:22 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي الكريم على هذه القصة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصالحين.
آمين ,,