[أبو الفاء ابن عقيل وصبره على فراق ولديه (موقف مؤثر)]
ـ[صالح بن عمير]ــــــــ[13 - 06 - 10, 08:26 م]ـ
ابن عقيل صاحب أكبر كتاب وهو كتاب الفنون الذي قُدر عدد مجلداته بـ 800 مجلد.
وهو الذي اشتهرت مقولته: "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة أُعمل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره".
وكان لابن عقيل ولدان ماتا في حياته:
أحدهما: أبو الحسن عقيل وكان في غاية الحسن فَهِما تفقه على أبيه وناظر في الأصول والفروع، وكان فقيهاً، فاضلا يقول الشعر وقد توفي في حياة أبيه وتجلّد والده عند وفاته وظهر من صبره ورضاه بقضاء الله سبحانه الشئ العجاب.
يقول ابن عقيل في ذلك: " مات ولدي عقيل وكان قد تفقه وناظر وجمع أدباً حسناً فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود الذي قتله علي رضي الله عنه فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ............... ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يقاد به ................... من كان يُدعى أبوه بيضة البلد
فأسلاها وعزاها جلالة القاتل وفخرها بأن ابنها مقتوله، فنظرت إلى قاتل ولدي الحكيم المالك فهان علي القتل والمقتول لجلالة القاتل".
الثاني: أبو منصور هبة الله، حفظ القرآن وتفقه وظهر منه أشياء تدل على عقل ودين ثم مرض وطال مرضه وأنفق عليه أبوه مالاً كثيراً في مرضه وبالغ في ذلك.
يحكي ابن عقيل عن مرض ابنه ووفاته فيقول: "قال لي ابني لمّا تقارب أجله: يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية والطب والأدعية ولله تعالى فيَّ اختيار، فدعني مع اختياره. قال: فو الله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول ابن إبراهيم لإبراهيم: (افعل ما تؤمر) إلا وقد اختاره الله تعالى للحظوة".
وتألم رحمه الله لوفاة ابنه الثاني إلا أنه تصبر وسلم لأمر الله واستسلم لقضائه وكان يقول: "لولا أن القلوب توقن باجتماع ثانٍ لتفطرت المرائر لفراق المحبين".
رحم الله ابن عقيل ورحم ولديه.
المصدر: مقدمة الواضح في أصول الفقه