يَشْفَى هُو الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَي، قَال: أَو لَك رَب غَيْرِي؟ قَال: الْلَّه رَبِّي وَرَبِّك وَرَب الْعَالَمِيْن، فَلَا زَال يُعَذِبُه حَتَّى دَل عَلَى الْرَّاهِب "، انتبه أن الراهب قال له:"إِن ابْتُلِيْت فَلَا تَدُل عَلَي ".< o:p>
هل خالف الغلام وصية الراهب لما دل عليه؟ < o:p>
لا، لكن تنفسخ العزائم، ممكن الإنسان يكون في الأول متجلد لكن حجم العذاب عليه كبير فيضطر أن يقول شيئًا حتى يستريح من العذاب، وهذا هو الذي حدث للغلام، عذبه الملك حتى يعترف فاعترف على الراهب، وجئ بالراهب، فقال له الملك كلمة واحدة: "ارْجِع عَن دِيْنِك؟ " هذه هي اللحظات الفارقة، ممكن عزمه ينفسخ فيرجع، أبي الراهب أن يرجع عن دينه الملك لم يساومه لأن هذا هو أصل الفساد في المملكة من وجهة نظر الملك ,كما كان فرعون يرى موسى- عليه السلام- هو أصل الفساد? إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ ? (غافر:29)، فهل موسى هو الذي سيظهر في الأرض الفساد، ولأن هذا هو أصل الفساد فلا يوجد تفاهم معه، فدعا بمنشار وشقه نصفين، شق الراهب نصفين حتى قال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" حَتَّى سَقَط شِقَّاه "، نصف ذهب هكذا ونصف ذهب هكذا، والنديم جليس الملك، قال له الملك ارجع عن دينك؟ قال له: لا فشقه نصفين هو الآخر.< o:p>
قال الملك للغلام: ارجع عن دينك، قال له: لا، فلم يشقه نصفين لأنه يحتاج إليه، فلابد أن نستخدم اللغة الدبلوماسية إلى آخر مدى بدأ يهدده الأول، ودعا فوج من الشرطة وقال خذوه على أعلى قمة جبل فإن رجع وإلا فاطرحوه من على الجبل، فالمساومة إلى آخر لحظة لأنه خسارة كبيرة أن يخسر هذا الغلام، وهو محتاج إليه، وطلع الغلام مع الشرطة إلى أعلى الجبل، فقالوا له: ترجع عن دينك أم نلقيك من على هذا الجبل؟ فقال الغلام "رَبِّي أَكْفِنِيِهم بِمَا شِئْت فَارُتَحف بِهِم الْجَبَل فَسَقَطُوا هُم وَرَجَع إِلَى الْمَلِك "< o:p>
لماذا رجع الغلام إلي الملك مع علمه أنه سيعذبه من جديد؟ < o:p>
ولم يهرب، ولم يطلب لجوء سياسي، ولا ذهب إلى دولة أخرى ولا هذه القصة، بل رجع إلى الملك ,لأن الله- عز وجل- سيفك عرى هذه المملكة بهذا الغلام.< o:p>
فلما رآه الملك قال:" وَيْحَك مَا فَعَل أَصْحَابُك؟ قَال: كَفَانِيْهِم الْلَّه بِمَا شَاء " وكان هذا كافيًا أن يرتدع الملك ويعرف أن هناك قوة أكبر من قوته فيرجع، لكن إنما يملي ليزدادوا إثمًا.< o:p>
فدعا فوجًا من الشرطة أخذوه على البحر، قال" خُذُوْه فِي قُرْقُور فَإِن آَمَن وَإِلَا فَنْجَّجُوا بِه "، ألقوه في البحر، وهو يركب المركب معهم قالوا ترجع وإلا سمك القرش جاهز سيأكلك على طول قال:" رَبِّي أَكْفِيْنِيْهُم بِمَا شِئْت، فَانْكَفَأ بِهِم الْقَارِب فَغَرِقُوا جَمِيْعا وَرَجَع هُو" إلي آخر القصة التي تعرفونها.< o:p>
اللحظات الفارقة في القصة. < o:p>
اللحظة الأولى: لما قال لجليس الملك:" إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدا،" هذه كانت فارقة بين الضلال الذي كان يعيش هذا النديم مع الملك الكافر وبين الهدى.< o:p>
اللحظة الأخرى: لما ساومه الملك.< o:p>
فهناك لحظات فارقة ينبغي أن يتخذ المرء فيها قرارًا مصيريًا، وإلا ضاعت حياته كلها.< o:p>
مثالاً آخر للحظات الفارقة.< o:p>
المثال الآخر الذي هو أقرب لنا من هذا المثل، لما خير النبي- صلى الله عليه وسلم- نساءه، و حدثت مشكلة النفقة، واجتمعن نساء النبي- صلى الله عليه وسلم- يردن منه النفقة، وغضب النبي- صلى الله عليه وسلم- منهن، ونزلت الآية? يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ? (الأحزاب: 29،28).< o:p>
¥