المرض الثالث: الكبر وهو طاغوت القلوب، وفرعون الأرواح، ونمرود المتعلمين، جزاء صاحبه الحقارة والصغارة والخزي في الدنيا والآخرة، وعلاجه: التواضع ومعرفة النفس.
كيف ترد الخطأ على صاحبه: إذا سمعت أن أحداً أخطأ في مسألة، فلا تعجل بالرد حتى تسأله- إن أمكن- ماذا قصد؟ وماذا أراد؟ هل صحيح ما نُسب إليه؟ وذكر الصحيح له، هل يعود عن الخطأ أم لا، هذا إذا كانت المسألة مما أجمع عليها، أو فيها نص صحيح صريح. وإن كانت من مسائل النزاع فلا يُعنّف ولا يُثرّب عليه فالمسألة فيها سعة، وقد سبق فيها الخلاف عند السلف.
يا طالب العلم تثبت في الفُتيا: الفتوى خطيرة ومُحرجة، وهي توقيع عن رب العالمين، فحذاري من التسرع والتهالك فيها، وعليك بكلمة لا أدري، فهي عند أهل التقوى والورع كالماء البارد.
قراءة تراجم الصالحين تربية: ما أحسن مطالعة تراجم الصالحين من علماء السلف وعُبّادهم وزُهادهم. إنها تربية .. إنها أُنس .. إنها تشحذ الهمم، خيرهم وسيدهم وإمامهم محمد عليه الصلاة والسلام، ثم الخلفاء، ثم الصحابة، ثم علماء أهل السنة، مثل: الحسن البصري وابن المسيب والزهري ومالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد، وأصحاب الحديث، والأئمة المتأخرين .. وهلم جرا.
أحسن كتاب في السيرة: ما رأيت أحسن ولا أروع من كتاب "زاد المعاد" لابن القيم، فما أفيَدَه! وما أعذبه! وما ألذه! خاصة المحقق المنتشر، ولو طالع معه دلائل النبوة للبيهقي لكان حسناً.
لا يخلو كتاب من فائدة: هذه الجملة لابن الجوزي في "صيد الخاطر" وهي من أحسن الجُمل فلا تحتقر أي كتاب لمسلم، فإنك قد تجد الدُرّ بين القش، وكم من مسألة محققة منقحة قي كُتيّب لا تظفر بها في مجلدات.
أصول كتب الأحكام: ذكر الذهبي في ترجمة ابن حزم أربعة كتب هي بحق أصول كتب الأحكام، وهي:
"المغني" لابن قدامة، و"سنن البيهقي"، و"التمهيد" لابن عبدالبر، و"المُحلّى" لابن حزم. قلت: وخامسها "فتاوى ابن تيمية" رحمه الله تعالى. فعليك بمراجعتها يا طالب العلم دائما، وليت عندك صبراً وجلداً لتقرأها جميعاً ولو مرةً واحدة.
كيف تحفظ القرآن الكريم:
أخلص قصدك في حفظه لوجه ربك تبارك وتعالى.
قلل المحفوظ يومياً.
راجع في آخر النهار كل يوم.
ليكن لك زميل يسمّع لك وتُسمّع له.
استمع لشريط القرآن المسجل كثيراً.
صلِّ بما تحفظ من الفرائض والنوافل وتهجد به من الليل.
إقرأ تفسير الآيات المحفوظة ليساعدك على الحفظ.
القراءة المبعثرة: القراءة المبعثرة تُخرج مثقفاً ولا تُخرج عالماً، وهي قراءة التهويس في كل كتاب بلا ضابط، فيحفظ القارئ جُملاً من كل مكان لا يربطها رابط، وهذه القراءة ليست هي المطلوبة المنتجة.
فِرَّ من الحزبية فِرارك من الأسد: طالب العلم سليم الصدر، طاهر الظاهر والباطن، وما أتت أمراض النفوس والأحقاد والضغائن والطعن والغيبة إلا من آثار الحزبية المنبوذة البغيضة، وهي التي تفرق بين المرء وزوجه، وما يُعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر .. فإياك يا طالب العلم أن تكون حزبياً فتمقتك القلوب، وتفقد كثيراً من إخوانك المسلمين، صاف جميع المسلمين، وتعاون مع جميع المسلمين، فلكل مسلم منك حظ و نصيب.
بالشام أهلي وببغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
احذر الجدل العقيم: اشتغال طالب العلم بمسائل لم تقع ولن تقع؛ سفه منه، وتشاغله بمسائل لا طائل من البحث فيها؛ حمق وهوج، وحدته وغضبه على مخالفه في مسائل يسع المسلم فيها السكوت؛ من قِلة علمه والله المستعان.
لا تكن سلبياً منقبضاً: من صفات علماء السنة أنهم رجال عامة، ينفعون المسلمين ويُخالطونهم فيما يقربهم من الله عز وجل، وإن كنتَ في شك من ذلك فاقرأ سيرهم. أما الانزواء وكتمان العلم، والبخل بالفائدة، وتقبيض الوجه، والانزعاج والتبرم بالإفادة، فيناسب علماء التتار، ومتصوفة الهند.
بعض الناس مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح: هذه الجملة من أحسن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية نقلها ابن سعدي في كتابه "طريق الوصول" وهي: أن بعض الناس لا تراه إلا منتقداً دائماً ينسى حسنات الطوائف والأجناس والأشخاص، ويذكر مثالبهم فهو مثل الذباب يترك موضع البرء والسلامة، ويقع على الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس، وفساد المزاج. وأحسن علاجه الكي، أو الخنق ليذهب ما به من مس.
¥