- وقيل: إن من الشعر كلامًا نافعًا يمنع من السفه.
- وقال أبو بكر -رضي الله عنه-: "ربما قال الشاعر الكلمة الحكيمة" (رواه ابن أبي شيبة).
- وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
- وأما الحُداء -وهو سوق الإبل بضرب مخصوص من الغناء الذي جرت عادة الإبل أن تسرع به- فقد أباحه النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال: أَتَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: (وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ) (متفق عليه).
قال ابن حجر -رحمه الله-: "والحداء -في الغالب- يكون بالرجز نوع من الشعر، وسمي بذلك لتقارب أجزائه واضطراب اللسان به، وقد يكون بغيره من الشعر، وقد نقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحته ... ويلتحق بالحداء هنا غناء الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال، ومن: غناء المرأة لتسكين الولد في المهد" اهـ بتصرف من الفتح 10/ 661.
قال الشيخ الفوزان -حفظه الله- تعليقًا على قول ابن حجر -رحمه الله-: "جواز الغناء للحجيج فيه نظر، فهل ورد ما يدل عليه من الكتاب والسنة، إن الذي ورد أن الحجيج في عبادة يناسبهم الاشتغال بذكر الله، والتلبية لا بالغناء لا سيما في حالة الإحرام، قال الله -تعالى-: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة:197)، وهل كان الحجيج يغنون وهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُقرهم على ذلك" اهـ بتصرف من البيان المفيد في حكم التمثيل والأناشيد ص55.
واستنشد -صلى الله عليه وسلم- الشعر من الشريد حيث قال الشريد: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ: (هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْئًا). قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (هِيهِ). فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ: (هِيهِ). ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ: (هِيهِ). حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ. (رواه مسلم).
قال القرطبي -رحمه الله-: "في هذا دليل على حفظ الأشعار، والاعتناء بها إذا تضمنت الحكم والمعاني المتسحسنة شرعًا وطبعًا، وإنما استكثر النبي -صلى الله عليه وسلم- من شعر أمية؛ لأنه كان حكيمًا، ألا ترى قوله -عليه الصلاة والسلام-: (وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ).
وقال ابن بطال -رحمه الله-: "ما كان من الشعر والرجز ذكر الله -تعالى- وتعظيم له ووحدانيته وإيثار طاعته والاستلام له، فهو حسن مرغب فيه، وهو المراد في الحديث بأنه حكمة وما كان كذبًا وفحشًا فهو مذموم" اهـ من الفتح 10/ 662.
الشعر المذموم:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا) (متفق عليه).
قال البخاري: "باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن"، والقيح: المِدة يخالطها دم.
قال أبو عبيد -رحمه الله-: "وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه، فأما إذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه فليس جوفه ممتلئًا من الشعر" اهـ من الفتح 10/ 674.
قال ابن حجر -رحمه الله-:
"تنبيه: مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غابة الإقبال عليه، والاشتغال به، فزجرهم عنه؛ ليقبلوا على القرآن، وعلى ذكر الله -تعالى- وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك".
ونقل عن ابن أبي جمرة قوله: "ويلحق بالشعر المذموم والامتلاء من السجع مثلاً، ومن كل علم مذموم كالسحر وغير ذلك من العلوم التي تقسي القلب وتشغله عن الله -تعالى-، وتحدث الشكوك في الاعتقاد، وتفضي به إلى التباغض والتنافس" اهـ من الفتح 10/ 674، 675.
وهل قال النبي -صلى الله عليه وسلم- الشعر؟!
¥