[من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله خيرا منه]
ـ[أبو البراء الباكستاني]ــــــــ[05 - 12 - 07, 12:34 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد ..
[من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله خيرا منه]
من المعلوم في ديننا أن من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله خيرا منه، وهي قاعدة عظيمة تشحذ الهمم وتحث على الزهد في الدنيا وطلب الآخرة، وعلى البذل في سبيل الله طلبا لثوابه مع اليقين بأن ما يبذله العبد في هذه الدنيا سيعطيه الله خيرا منه ولا شك. ونجد هذا المعنى واضحا جليا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل". (رواه مسلم).
فمن تصدق بورك له في ماله وزاد " ما نقصت صدقة من مال"، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: من الآية39)، ومن ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك، عوضه الله انشراحاً في الصدر، وفرحا في القلب؛ ففي العفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس، وعزها، وترفعها ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.
" وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا"، هذا مع ما ينتظره من الأجر والكرامة بين يدي الله تعالى يوم القيامة كما في الحديث الشريف: " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ".
ومن ترك التكبر والتعالي وتواضع كانت الرفعة والمحبة وعلو المكانة من نصيبه: "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ... ". وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها ".
صهيب الرومي يترك ماله لله
كان صهيب الرومي رضي الله عنه ممن شرح الله صدورهم للإسلام،وكان يعيش في مكة وبارك الله له في ماله، فلما أراد الهجرة تبعه نفر من قريش حتى إذا أدركوه قال لهم: والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، ووالله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم من كنانتي رجلا منكم، أولا أدلكم على خير من ذلك؟ مالي بالمكان الفلاني خذوه وخلوا سبيلي، فرجعوا وهاجر هو إلى الله ورسوله، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربح البيع يا صهيب أبا يحيى، وفيه نزل قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207). فهل هناك مقارنة بين ما تركه صهيب رضي الله عنه وبين ما عوضه الله عز وجل؟!!.
وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الباب وقائع تدل على هذا المعنى، ومما أورده في ذلك أن رجلا من تيم خرج حاجا فلما جن عليه الليل ورد بعض الماء فوجد امرأة قد وضعت جلبابها، ونشرت شعرها، فأعرض عنها، فقالت: هلم إلي، لم تعرض عني؟
فقال: إني أخاف الله رب العالمين. فقالت: هبت والله مهابا، ووضعت جلبابها على جسدها وهي تقول: إن أولى من شركك في الهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصية، ثم ولت فتبعها حتى دخلت خيمة من خيام الأعراب فلما أصبح ذهب إلى مكان الخيمة فوجد رجلا جالسا فسأله عن المرأة فأخبره الرجل أنها ابنته فطلب منه أن يزوجه إياها فوافق الأب بعد أن سأل الرجل عن نسبه وقبيلته، فانظر أيها الحبيب لحال هذا الرجل الذي ترك الحرام لله فرزقه الله المرأة حلالا.
يقول مالك بن دينار رحمه الله تعالى: جنات النعيم بين الفردوس وجنات عدن، فيها جوار خلقن من ورد الجنة يسكنها الذين هموا بالمعاصي، فلما ذكروا الله عز وجل راقبوه فانثنت رقابهم من خشيته.
قصة زواج المبارك والد عبد الله بن المبارك
¥