وطريقته -صلى الله عليه وسلم-" اهـ من زاد المعاد 1/ 134 وما بعدها.
وقال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: "التلحين في القراءة تلحين الغناء والشعر، مسقط للعدالة، ومن أسباب رد الشهادة قضاءً، وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع الهجري على أيدي الموالي" اهـ من بدع القراء.
- لما حدثت هذه الألحان أنكرها الصحابة -رضي الله عنهم-:
قال الدارمي -رحمه الله- في سننه: "باب كراهية الألحان في القرآن"، وذكر بسنده عن أيوب قال: حدثني آل سالم بن عبد الله قال: "قدم سلمة البيذق المدينة فقام يصلي بهم، فقيل لسالم: لو جئت فسمعت قراءته؟ فلما كان بباب المسجد سمع قراءته رجع، فقال: "غناءٌ .. غناء" رقم: 3495.
وذكر بسنده عن الأعمش قال: "قرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان فكره ذلك أنس" رقم: 3502.
وختم سننه بأثر عن ابن سيرين قال: "كانوا يرون هذه الألحان في القرآن محدثة" رقم: 3503، وقال محقق السنن: "صحيح موقوف. وإنما فعلوا ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذرهم منها".
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "والغرض أن المطلوب شرعًا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والانقياد للطاعة فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن يُنزه عن هذا ويجل، ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب!
وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله-، وذكر بسنده عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم" -قال ابن الجوزي: "لا يصح"-.
وعن عابس الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر أمورًا تخوفها على أمته، منها: (وَنَشْئاً يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهاً) (رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني).
وهذه طرق حسنة في باب الترهيب، وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهي قراءة القرآن بالألحان التي يُسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة -رحمهم الله- على النهي عنه.
فإما إن خرج به فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفًا أو ينقص حرفًا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم" اهـ باختصار من فضائل القرآن ص91 - 92.
وقد بيَّن لنا -صلى الله عليه وسلم- مَنْ أحسَنَ الناس صوتًا بالقرآن؛ فقال: (إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
قال الإمام الآجري -رحمه الله-: "ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم؛ فليعرف قدر ما خصه الله به، وليقرأ لله لا للمخلوقين، وليحذر من الميل إلى أن يُستمع منه؛ ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا، والميل إلى حسن الثناء والجاه عند أبناء الدنيا، والصلاة بالملوك دون الصلاة بعوام الناس.
فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه خِفت عليه أن يكون حسن صوته فتنة عليه، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله -عز وجل- في السر والعلانية، وكان مراده أن يُستمع منه القرآن؛ لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله -عز وجل- وينتهوا عما نهاهم، فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته، وانتفع به الناس" اهـ من أخلاق حملة القرآن ص94 - 95.
هذا آخر ما أردت بيانه كخطوة على الإصلاح؛ فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وله الحمد والمنة، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- منه بريئان.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[25 - 06 - 10, 03:45 م]ـ
جزاك الله خيرا.