تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَضْرِب لَك مَثَلا: أَنْتُم تَعْرِفُوْن الْفُضَيْل بْن عِيَاض: الْإِمَام الْرَّبََّّانِي وَالْعَلَم الْمُفْرَد، الْزَّاهِد الْعَابِد، الْمُحْدِّث الْكَبِيْر، أَحَد الْثِّقَات الْأَثْبَات مِمَّن لَم يَخْتَلِف أَحَدٌ مِن الْعُلَمَاء عَلَى فَضْلِه وَعِلْمِه وَزُهْدِه، كَان لَه وَلَدٌ يُقَال لَه عَلِي، وَكَان يُحِبُّه غَايَة الْحُب وَكَان عَلِيٌ هَذَا عَلَى صِغَر سِنِّه مَن كْبَار الْأَوْلِيَاء وَمِمَّن شُهِد لَهُم بِالْإِخِبَات لِلَّه، وَكَان عَلِيٌ هَذَا يَقُوْل لِأَبِيْه الْفُضَيْل (يَا أَبَتي سَل الْلَّه الَّذِي وَهَبْنِي لَك فِي الْدُّنْيَا أَن يَهَبَنِي لَك فِي الْآَخِرَة)، وَكَان مِن رِقَّة قلب عَلِيٌ هَذَا أَنَّه كَان إِذَا سَمِع آَيَات الْعَذَاب يُغْشَى عَلَيْه ,فَكَانَت أُمُّه أَعِنِّي (امْرَأَة الْفُضَيْل) تَقُوْل لِلْفُضَيْل إِذَا رَأَيْت عَلَياً خَلْفَك بِالْصَّف فَلَا تَقْرَأ بِآَيَات الْعَذَاب وَذَات مَرَّة نَظَر الْفُضَيْل فَلَم يَجِد عَلِياً فَقَرَأ آَيَات فِيْهَا عَذَاب، جَاء عَلِيٌ مُتَأَخِّراً بَعْدما كَبَّر أَبُوْه، فَلَمَّا وَقَعْت هَذِه الْآَيَات فِي سَمْعِه أُغْشّي عَلَيْه.< o:p>

كَيْف نَجْمَع بَيْن بُكَاء الْنَّبِي _صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلم_ عِنْد مَوْت ابْنِه و ضحِك الْفُضَيْل بْن عِيَاض عِنْد مَوْت ابْنِه؟ < o:p>

هَذَا الْوَلَد الْبَار الْمَحْبُوْب مَات فِي حَيَاة أَبِيْه، فَمَشَى الْفُضَيْل فِي جِنَازَة ابْنَه وَهُو يَضْحَك فَاسْتَغْرَب بَعْض الْمُتَأَخِّرِيَن مِن هَذَا وَقَالُوْا كَيْف يَبْكِى رَسُوْل الْلَّه- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- ابْنَه إِبْرَاهِيْم بَيْنَمَا يَضْحَك الْفُضَيْل فِي جِنَازَة ابْنَه، وَأَيُّهُمَا أَوْلَى بِالْرِّضَا ألْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَم الْفُضَيْل، فَوجَّه هَذَا الْسُّؤَال إِلَى شَيْخ الْإِسْلام بْن تَيْمِيَّه- رَحِمَه الْلَّه نْعَالِي-، لِأَن هُنَا إِشْكَال الْفُضَيْل يَضْحَك أَي رَاضِي، وَالْنَّبِي يَبْكِي أَي كَأَنَّه غَيْر رَاضِي.< o:p>

فَقَال شَيْخ الْإِسْلَام- رَحِمَه الْلَّه-: (كَمَا هِي عَادَتْه وَكَان مَفْتُوْحاً عَلَيْه مُوَفِّقاً، قَال: (هُدِي نَبِيِّنَا أَكْمَل، لِأَن نَبِيَّنَا- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَدَّى الْعُبُوْدِيَّة عَلَى وَجْهِهَا، فَهُنَاك عُبُوْدِيَّة الْرَّأْفَة وَالْرَّحْمَة وَهُنَاك عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا، فَأَدَّى عُبُوْدِيَّة الْرَّأْفَة وَالْرَّحْمَة فَبَكَى عَلَى ابْنِه، وَأَدى عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا فَقَال:" وَلَا نَقُوُل مَا يُغْضِب الْرَّب "، لَكِن ضَاق قَلْب الْفُضِيل بْن عِيَاض عَن اسْتِيْعَاب الْعُبُوْدِيَتَين جَمِيْعاً فَقَدِم عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا عَلَى عُبُوْدِيَّة الْرَّأْفَة وَالْرَّحْمَة) < o:p>

فَهَدَي نَبِيِّنَا أَكْمَل، وَالْبُكَاء لَا يُعَد مِن عَدَم الْرِّضَا، إِنَّمَا الْبُكَاء رَحِمَه وَلِذَلِك قَال- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:" إِن الْلَّه لَا يُعَذِّب بِدَمْع الْعَيْن" < o:p>

إِذاً الْعُبُوْدِيَّة تَسْتَغْرِق حَيَاتِك كُلَّهَا.< o:p>

كَمَا قُلْت فِي عَدَد أَنْفَاسِك فَإِذَا كَان الْأَمْر كَذَلِك فَلَا يَجُوْز لِأَحَد أَن يَرْفَع قَدَّمَه أَو يَضَعَهَا إِلَّا بِإِذْن، وَهَذَا هُو مَعْنَى الْعَبْد < o:p>

الْمُرَاد بِالْعبد. عَبْد أَي لَه سَيِّد آَمِر، وَنَحْن مَعَاشِر الْبَشَر فِيْمَا يَتَعَلَّق بِمَسْأَلَة الْعُبُوْدِيَّة تَعَلَّقَت أَحْكَامٌ بِهَا.< o:p>

مَا يَتَعَلَّق بِّعُبُوْدِيَّة الْبَشَر مِن أَحْكَام.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير