مَثَلاً: لَو أَنَّك تِمْتَلِك عَبْداً أَو أَكْثَر ثُم قَسَوْت عَلَى هَذَا الْعَبْد فَهَرَب مِنْك، يَقُوْل الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فِي هَذَا الْعَبْد الَّذِي هَرَب مِن سَيِّدِه الْقَاسِي لا تُقَبَل لَه صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا أَي طَاعَة حَتَّى يَرْجِع إِلَى سَيِّدِه، وَحَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة- رَضِي الْلَّه عَنْه- كَان لَه عَبْد وَكَان يَقسُّوْ عَلَيْه، فَذَهَب مَرَّةً إِلَى الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَشْتَكِي حَاطِباً، فَقَال: (يَا رَسُوْل الْلَّه وَالْلَّه لَيَدْخُلَن حَاطِبٌ الْنَّار _ بِسَبَب قَسْوَتِه عَلَيْه _فَقَال لَه الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:" كَذَّبَت إِنَّه شَهِد بَدْرا) ,وَالْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَقُوْل:" أَيُّمَا عَبْد تَزَوَّج بِغَيْر إِذْن مَوَالِيْه فَهُو عَاهِر"، أَي زَانِي، هَذَا فِيْمَا يَتَعَلَّق بِنَا كَبَشَر عَبْد مَع عَبْد.< o:p>
فَلَا يَجُوْز لُإِنْسَان أَن يَنْفَك مِّن الْعُبُوْدِيَّة مُطْلَقاً.< o:p>
فَمَا بَالُك إِذَا كُنَّا نَحْن مَع رَب الْعَالَمِيْن- تَبَارَك وَتَعَالَى-، فَلَا يَجُوْز لُإِنْسَان أَن يَنْفَك مِّن الْعُبُوْدِيَّة مُطْلَقاً، إِمَّا أَن يَكُوْن عَبْداً بِالِاخْتِيَار وَهَذَا أَرْفَع الْدَّرَجَات، أو أَن يَكُوْن عَبْداً بِالْقَهْر وَالْإِذَلال بِحُكْم الْسُّنَّة الْعَامَّة? إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ? (مريم:93).< o:p>
مَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه.< o:p>
طَالَمَا أَن أَنْوَاع الْعُبُوْدِيَّة كَثِيْرَة، وَأَنَّهَا بِعَدَد أَنْفَاس الْبَشَر، فَلَا يَزَال الْمَرْء يَتَقَلَّب فِي عُبُوْدِيَّة بَعْد أُخْرَى وَهُو يَسِيْر إِلَى رَبِّه، هَذِه الْأَنْوَاع مِن الْعُبُوْدِيَّة اسْمُهَا مَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه، ينَزِّل فِي مَنْزِلَة، أُصِيْب بِمُصِيْبَة فَنَزَل فِي مَنْزِلَة الْحُزْن، فَلَابُد أَن يَنْظُر مَا الَّذِي يَجِب عَلَيْه فِي هَذَا، تَبَدَّلَت مُصِيبَتَهُ بِفَرَح فَلْيَنْظُر مَا الَّذِي يَجِب عَلَيْه فِي هَذَا؟.< o:p>
وَلَا يَزَال يَتَقَلَّب كَمَا قُلْت فِي مَنَازِل.< o:p>
مَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه كَمَثَل مَحَطّات الْوَقُوْد.< o:p>
وَمَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه كَمَثَل مَحَطّات الْوَقُوْد عَلَى الْطَّرِيْق الْطَّوِيْل. فَلَو افْتَرَضْنَا أَن هُنَاك طَرِيْق سِتّمِائَة كِيْلُو وَلَيْس فِي هَذَا الْطَرِيْق مَحَطَّة وَقُوْدٌ وَاحِدَة، أَيُمْكِن أَن تَسْلُك هَذَا الْطَّرِيْق؟ لَا تَسْتَطِيْع، لِمَاذَا؟ لِأَنَّك أَوَّلا تَحْتَاج إِلَى مَاء، تَحْتَاج إِلَى طَعَام، وَالْسَّيَّارَة تَحْتَاج إِلَى وَقُوْد، فَلَا تَسْتَطِيْع أَن تَسْلُك هَذَا الْطَّرِيْق الْطَّوِيْل إِلَا إِذَا كَان فِيْه مَحَطّات وَقُوْد، تَمُر عَلَى الْمَحَطَّة تَتَزَوَّد لِنَفْسِك وَلِلْسَّيَّّارَة ثُم تَمْضِي وَإِذَا كَاد زَادَك أَن يَنَفذ، فِي مَحَطَّة أُخْرَى تُزوِّد الْسَّيَّّارَة بِالْوُقُود وَتَمْضِي حَتَّى تَصِل إِلَى غَايَتِك ,فَمَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه- عَز وَجَل- كَمَثَل مَحَطّات الْوَقُوْد.< o:p>
حَدِيْث الْيَوْم وَمَنْزِلَة الْتَّوْبَة.< o:p>
الْمَنَزَّلَة الَّتِي أُرِيْد أَن أَتَكَلَّم عَنْهَا الْيَوْم هِي مَنْزِلَة لَا يَنْفَك الْعَبْد عَنْهَا لَا فِي أَوَّل الْطَّرِيْق وَلَا فِي وَسَطِه وَلَا فِي آَخِرِه، وَهِي مُلَازِمَة لَه كَمُلَازَمَة الْنَفَس لهُ أَيْضاً، لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْعَبْد مُطْلَقاً، أَلَّا وَهِي مَنْزِلَة الْتَّوْبَة.< o:p>
لِمَاذَا لَا يَنْفَك الْعَبْد عَنْهَا؟ < o:p>
لِأَن الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- قَال:" كُل بْن أَدَم خَطَّاء " كُلُّنَا أَصْحَاب ذُنُوْب.< o:p>
أنواع الناس أمام الْتَّوْبَة وَالذَّنْب.< o:p>
¥