تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحدث الآخر المهم أن إثنين من الشباب اليابانيين المتطوعين نودا ويامادا وقد ذكرناهما سابقاً, الأول صحفي والثاني تاجر, جمعا مساعدات من الشعب الياباني لعوائل الشهداء أخذاها إلى اسطنبول, نودا عام 1891م ويامادا عام 1893م, ومنحهما السلطان عبد الحميد الثاني النياشين وطلب منهما البقاء في إسطنبول وتدريس اللغة اليابانية لمجموعة من الضباط العثمانيين, منهم مصطفى كمال باشا رئيس جمهورية تركيا فيما بعد. وقد اعتنق هذان الشخصان الإسلام وبهذا يمكن إعتبارهما أول مسلمين في تاريخ اليابان.

توالت الزيارات لليابان, وذكرت التقارير عن زيارة لمبعوث عثماني إسمه "محمد علي" زار طوكيو ويوكوهاما عام 1902م وتفاوض مع المسؤولين اليابانيين بشأن بناء مسجد في يوكوهاما (ولم ينجز هذا المسجد).

هذا وقد هزت الحرب اليابانية الروسية (1904 - 1905) العالم عامة والعرب والمسلمين خاصة , وتغنى شعراء العرب والترك والفرس وغيرهم ببطولة الشعب الياباني. وذكر الكاتب الشهير عباس محمود العقاد في أحد كتبه (ولم أعد أذكر الاسم وأشكر من يدلني على المصدر) أن عدداً من الضباط المصريين افتتنوا بانتصار اليابان فذهبوا إليها وتطوعوا بالجيش الياباني وتزوجوا يابانيات, وخلفوا الأولاد, فمنهم من عاد إلى مصر ومنهم من بقى, وذكر أسماءهم. وإني في حينه تعجبت من هذا الأمر واستغربته, إذ كيف يتطوع ضباط دولة معينة في جيش تابع لبلاد أجنبية. وفد أحد أيام سنة 1978 زرت مع البروفسورة الدكتورة موتوكو كاتاكورا والحاج مصطفى كومورا مكتبة أرشيف وزارة الخارجية في طوكيو للبحث عن الوثائق وخصوصاً مجلة " الأخوة الإسلامية " فرأيت مراسلات في أول القرن بين الحكومة البريطانية واليابانية ظهر فيها أن ضباطاً بريطانيين يتعلمون اللغة اليابانية في لندن لعدة شهور وبعدها يذهبون إلى اليابان وينخرطون في الجيش الياباني ويتدربون على مختلف الأسلحة اليابانية. ولم أعد أذكر أتذكر أسماء الضباط المصريين هؤلاء فأني رغم البحث عنهم لم اعثر على المصدر ثانية, ولعل أحدهم هو أحمد فضلي الذي أشبع دراسة حياته الأستاذ عبد الرحمن سوزوكي نزيل القاهرة بحثاً وتنقيباً.

وإني بهذه المناسبة اذكر أن السلطان عبد الحميد رحمه الله بعث خبيراً وباحثاً عسكرياً هو برتو باشا لمراقبة الحرب اليابانية الروسية وألف كتاباً من جزئين عن رحلته وملاحظاته وذلك في عامي 1904 - 1905.

مؤتمر الأديان في اليابان عام

وظاهرة أخرى تلفت النظر في العلاقات اليابانية الإسلامية في أول القرن هي: شيوع الأخبار عن مؤتمر للأديان يعقد في طوكيو عام 1906م يدعى له ممثلون للاديان الرئيسية في العالم. وقد وصلت الأخبار إلى المسلمين بالصورة التالية: إن اليابانيين يعقدون مؤتمراً للمقارنة بين الأديان من أجل أختيار الدين الذي يرونه صالحاً. هكذا وصلت الأخبار إلى باكو وقازان والقرم وإسطنبول والقاهرة وطهران وبومبي ودلهي وكلكلتا وجاكرتا. ولا ندري من الذي أشاع هذا النوع من الأخبار: هل هي الحكومة اليانية بنية حث المسلمين للمجيء إلى اليابان لأغراض سياسية وعمل محور ياباني إسلامي في مواجهة الغرب, أو لأغراض توسعية حيث تبنت اليابان سياسة آسيا العظمى بهدف بسط نفوذها على الأقطار الآسيوية التي يسكن الكثير منها مسلمون. أو أن هدفها من ذلك عمل توازن مع المد التنصيري الذي غزا اليابان بعد فتحهاالأبواب للأجانب. إن عبد الرشيد إبراهيم له رأي آخر وهو أن المنصرين هم الذي اشاعوا مثل هذه الأخبار لاحراج المسلمين وإظهار بساطة تفكيرهم. وعلى أي حال إستعد الكثير من المسلمين للذهاب إلى اليابان لحضور المؤتمر. ونقلت الأخبار أن وفداً من أسطنبول وإيران قد ذهبا إلى اليابان. كما إن السيد علي أحمد الجرجاوي العالم الأزهر ي والصحفي المصري كتب في صحيفة " الإرشاد " أنه ذهب إلى اليابان بصحبة رجل تونسي. وفي بومبي ودلهي وكلكتا وضعت المؤلفات عن الإسلام لإرسالها إلى اليابان. كما أن مفتي جاوا السيد العلوي بالتعاون مع مسلم نيوزلندي هو عبد الرحمن تومبسون وضعا نشرة عن الإسلام باللغة الإنجليزية لالقائها في المؤتمر, وتعاون معهما سليم بك القنصل العثماني في جاكرتا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير