تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا ندري هل ذهب أحد من هؤلاء حقاً إلى اليابان أو هو محظ خيال؟ وهل عقد المؤتمر فعلاً أم هي فقاعة في هواء؟ وإن عقد المؤتمر فعلاً فهل حضر مندوبون مسلمون أم لا؟ فالذي ذكرته صحيفة Chugai Koho اليابانية في مايو 12 عام 1906 وصحيفة Japan Times في 8 مايو 1906م أن اجتماعاً عقد في قاعة YMCA بطوكيو في 7 مايو حضره ممثلو الأديان والفرق المختلفة وجرى حوار عن التعاون بين الأديان, وقام النصارى بشرح دينهم, وحضر الكونت أوكوما (مؤسس جامعة واسيدا ووزير الخارجية الياباني الاسبق) وأعلن أنه كسياسي يؤيد رسالة هذا الإجتماع وأن التعاون والتسامح بين الأديان ضروري. كما أن السيد عبد الرحمن سوزوكي كتب في مقالة بمجلة "عرب" اليابانية التي تصدر حالياً في طوكيو أن المؤتمر عقد في سبتمبر. وذكرت جريدة "إقدام" في إسطنبول في 17 مايو 1906م عن مراسل جريدة Rappel الفرنسية بطوكيو في يونيو من نفس العام أنه بدأت الاستعدادات للمؤتمر. إلا أننا لا نزال في شك من عقد المؤتمر الذي عملت له الدعايات ولم يثبت عندنا أن مسلماً واحداً حضر مثل هذا المؤتمر, وكل الذي قيل أن عبد الرحمن تومبسون ومفتي جاوه حضراه, وقيل إن حسين عبد المنعم من الهند حضره, بل وحتى عبد الله غليان شيخ الإسلام في بريطانيا وإيرلنده حضره.

الجرجاوي ورحلته اليابانية

ونأتي على موضوع السيد على أحمد الجرجاوي الأزهري المصري الذي - إن ثبت ذلك - يعتبر من أوائل العرب الذي جاؤا إلى اليابان. كان محامياً شرعياً ويصدر جريدة" الإرشاد " في القاهرة, وعن طريق عمله الصحفي علم بمؤتمر الأديان في طوكيو. وكغيره من مسلمي العالم نمى له أن اليابانيين يعقدون مؤتمراً للأديان لاختيار الدين الذي يرونه حقاً. وعلى حسب ما جاء في كتابه "الرحلة اليابانية" المطبوع في مصر عام 1907م أنه دعى الأزهر ليبعث وفداً فلم يستجب, فقرر الذهاب بنفسه وعلى حسابه الخاص ومعه تونسي أبي أن يعلن عن أسمه. وكان من المقرر أن يذهب عن طريق أوربا أو جنوب أفريقيا, فذهب إلى تونس أولاً وبعدها عد فغير طريقه ورجع إلى السويس فجده وعدن وبومبي وسنغافورة وهونك كونغ. وفي هونك كونغ ركب معه مسلم صيني أسماه "سليمان الصيني" الذي يعرف العربية وكان ذاهباً إلى اليابان لنفس الغرض. وفي يوكوهاما إستقبله "مخلص محمود الروسي" فرافقهما, ووجدا هندياً في طوكيو من أصول عربية أسماه "حسين عبد المنعم". هؤلاء مع التونسي شكلوا جمعية للدعوة واستأجروا داراً جعلوه مقراً لهم, وبدأ الناس يترددون عليه فأسلم أثنا عشر ألف شخص من مختلف الطبقات نصفهم خلال فترة وجود الجرجاوي في اليابان وهي 31 يوماً. أما عن المؤتمر فمن القراءة الدقيقة لكتاب الجرجاوي يعرف الإنسان أنه لم يحضره بل يذكر أنه ينقل عن محاضر المؤتمر. وذكر أنه ذهب إلى كيوتو بالقطار وقال: إن القطار مر أولاً بأوساكا ثم ذهب إلى كيوتو على عكس الواقع فالقطار يمر بكيوتو أولاً ثم بأوساكا. إن قرأت الكتاب مرات ومرات ومن خلال قراءاتي كنت أرى وصفه لليابان وذكره للأسماء كالذي لم تطأ قدماه اليابان. وكنت أعلل ذلك بمعاذير كأن يكون الرجل لا يعرف لغة أجنبية وكان معه صيني يقرأ الكتاب اليابانية (تشبه الكتابة الصينية) بالنطق الصيني ويسمعها العربي فيعربها والنتيجة أنه تخرج لا صيني ولا ياباني ولا عربي.

هذه الأمور كلها جعلتني أشك أن الرجل ذهب إلى اليابان. ومنذ خمس سنوات قرأت في مرجع نقل عن مجلة "الأخوة الإسلامية" ذكر فيها بركة الله الذي وصل اليابان عام 1909م أن عربياً وصل هونك كونغ ومن هناك ذهب إلى تايوان فظن نفسه أنه في اليابان ورأى أعداداً كثيرة من المسلمين الصينيين فظن أن هؤلاء يابانيون تحولوا للإسلام وأن الجرجاوي (لم يذكر إسمه) ألف كتاباً ترجم إلى لغتنا الهندية , وكأنه يستكثر عليه هذا. ولقد حصلت على هذه الترجمة الأردية من مكتبة "خدا بخش" في باتنة بالهند وقد طبعت في لاهور عام 1908م أي بعد سنة من نشر الكتاب في القاهرة. بالإضافة إلى ذلك وردت إشارات في كتاب عبد الرشيد إبراهيم "عالم إسلام" أن عربياً إدعى كذا وكذا وكأنه يكذب مزاعم الجرجاوي.

فقررت أن أبريء ذمة الجرجاوي وأحاول أن أقدم الأدلة الدامغة عن ذهابه إلى اليابان من عدمه.

زيارتي للتحقيق في رحلة الجرجاوي إلى اليابان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير