لقد كان "فيلدرز" المعادي للإسلام عضواً في الحزب الليبرالي الذي سيمسك زمام الحكومة اليوم، وقد انفصل عنه في 2004, وبعد انفصاله بعامين أسَّس حزب الحرية، وقد يشارك فيلدرز مع حزبه القديم مع شريك ثالث من الاحزاب الاخرى في حكومة ائتلافية قد لاتستمر طويلا .. ان علينا أن ننتظر قبل ان نضيف توقعات!
إنَّ طبيعة فيلدرز الجافَّة والقاسية لم تترك أحداً يُفْلِتْ من خربشاته وتهكُّماته وقذارة لسانه، فقد أهان ملكة هولندا ورئيس الحكومة، وأعضاء كُثُرْ في البرلمان، وأهان الرسول العظيم محمداً رسولَ الإنسانية داخل البرلمان وخارجه, وأهان الإسلام والقرآن والحجاب, وأمر بإزالة القرآن من بيوت المسلمين! (كيف؟! لا أعرف!!) , يُذَكِّرني هذا برواية رشدي " آيات شيطانية"، ومعلوم أنَّ رشدي أهان ملكة إنجلترا وتهكَّم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، ولم يَفْلِتْ من لسانه لا عوامُّ المسلمين ولا خواصُّهم.
لايتخذ المسلمون موقفا موضوعيا من فيلدرز ناتج عن تخيلات وأوهام وأنما بنوا موقفهم على وقائع ملموسة وتصريحات عديدة لفيلدرز فظة وغليظة واليوم نرى ان اكثر الاحزاب الهولندية لاتريد الاشتراك مع حزبه في حكومة ائتلافية وكمثال فديمقراطيو (66) (حزب D66) - يتمَّ تصنيفه على أنه "يساري ليبرالي"-الحائز على (10) مقاعد, قال زعيمه عن فيلدرز وبصراحة وتحدي: "خيرت فيلدرز عنصري"، وذلك ردًّا على دعوة فيلدرز لفرض ضريبةٍ ماليةٍ على المرأة المحجَّبة لسبب حجابها, ويُطلقون عليها تهكُّماً: "ضريبة خرقة الرأس"! لملء الخزينة الهولندية بضرائب جديدة
(قدم فيلدرز في هذه القضية المثال على اجتماع الجهل مع الحقد في شخص واحد! وإلا فليخبرني أحد: ضريبة على الحجاب! كيف؟! وهو ما يعني أنَّ فيلدرز فَقَدَ صوابه بحشر القضية الإسلامية بصورة تهكُّمية لا عقلانية ولا واقعية فيها في كل قضية، كيف سيجمع ضرائبه لسدِّ جوع الجوعى؟! اللهم إلا أن يقوم بإحصاء رؤوس المحجَّبات بجيوش من الشرطة في الشوارع والمدارس والجامعات والإدارات!).
قدم فيلدرز هذا الحل العبقري (!) أثناء مناقشة ميزانية 2010م في البرلمان الهولندي، وكأنَّ صورة المسلم تتراءى له في مكتب الضرائب والبرلمان والشارع وفي ظله, وفي ترحاله وحله.
فيلدرز يُخَلْخِلُ في بلد الأمان.
من المعلوم أنَّ هولندا -في الداخل الهولندي- بلدُ أمان وتسامح، ولكن يبدو أنَّ فيلدرز لا يُريد لهذا المناخ أن يستمر، وهو يظنُّ أنَّه قد وجد كبش فدائه في المسلمين، ومن قبل ظَنَّ "بم فورتاون" هذا الظن -كان هذا البرلماني الهولندي أشدَّ من فيلدرز عنفاً وقسوة على الإسلام والمسلمين- فأطلق القدر عليه رصاص رجلٍ هولندي من المدافعين عن الحيوانات -اغتيل "بم" في 2002م- فما لا يعمل فيلدرز له حسبان هو أنَّه بإثارته حفيظةَ الفئات الاجتماعية المختلفة، والمتعددة الثقافات والقناعات، التي تبحث عن مناخٍ آمنٍ؛ فإنها ستنطلق في فتنة عمياء تفعل ما لم يكن منتظر منها، مثل ذلك الهولندي الرقيق على الحيوانات الذي قسا قلبه على "بم فورتاون" ومخاريقه؛ فارداه قتيلاً في نفس اللحظة التي أعلن فيها "الزعيم" في لقاء إذاعي أنَّه –حتماً- سيصير رئيس وزراء هولندا!
تُحاول الحكومات المتعاقبة أن تُرَسِّخَ مبادئ التعايش بين فئات المجتمع، وتقوم باستمرار بترسيخ مبادئ الحوار الداخلي، وتعدُّد الثقافات والأديان, إلا أنَّ الأحقاد الراسخة دائماً ما تجد لها مناخاً مناسباً تُعاودُ الظهور من خلاله، مستغلَّة المشاكل وخيبة الآمال الاقتصادية والسياسية.
وَوَقْعُ الخوف في المجتمع يزداد من سطوة وطيش فلدرز الإعلامية، فالرجل لا يُمكن التنبؤ بتصرفاته، وفي ذلك تقول صحيفة "دو بيرس" -يوم 10 يونيو-: إنَّ "الأحزاب التقليدية غير متحمِّسة لقبول حزب الحرية، فهي تعتبره راديكالياً ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته وتمييزياً وسيئاً لصورة هولندا في الخارج".
أما المسلمون فهم متوجِّسون من الأوضاع الجديدة، وإنْ كانت نتائج الانتخابات أشعرتهم بالثقة في الأحزاب الكبيرة والمتقدِّمة، والشيء الذي يُثير مخاوفهم حقاً: هو دخول حزب الحرية المعادي للإسلام الائتلاف الحكومي الجديد.
بقلم الاستاذ طارق منينة
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 12:50 ص]ـ
مزق الله ملكهم كما مزق ملك الفرس والروم