27: الاجتهاد في منفعته: وذلك بأن تنفعه بكل وجه ممكن في أمر دينه ودنياه، فإن هذا من حقه عليك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه " مسلم (2199)، ويشمل هذا كل ما يمكن من أوجه النفع الدينية والدنيوية، غير أنه إذا كان هذا النفع من باب الإعانة على أمر محرم فلا يجوز بحال.
28: المحافظة على دوام الأخوة: بمعنى استبقاء أخوته، والمحافظة عليها، واستدامتها بعدم المعاصي ما أمكن، فإن المعاصي تفرق بين الإخوة المؤمنين المتحابين، وذلك لشؤمها، كما قال صلى الله عليه وسلم: " ما تواد اثنان في الله، فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما " جزء من حديث أخرجه أحمد (2/ 68)، عن أبن عمر، والبخاري في الأدب المفرد (401) عن أنس. وانظر صحيح الأدب المفرد للألباني (310).
وكم من صداقات قد انهارت، وتبددت، بشؤم المعاصي، إذ إن الأرواح جنود مجنده، وما دام أحد الصديقين غير تقي فلا بد أن يبغضه صاحبه التقي بمرور الوقت، وبإصراره على المعصية.
29: مراعاة مشاعره: بمعنى المحافظة على مشاعره، وعدم إذائه بقول، أو فعل، أو إشارة. حتى ولو كانت غير متعمده- بل ينبغي الأنتباه لذلك والتحرز منه. فكم من رجل قال كلمة أمام أخيه لا يقصد بها السوء، لكنها فهمت على غير وجهها؛ فأفسدت ما بينهما، وقد قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} الإسراء: 53.
30: عدم التقصير في أداء حقوق: الأخ بمعنى أن لا تقصر في أداء حقوقه عليك اعتماداً على ما بينكما من مودة، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "لا تقصر في حق أخيك اعتمادا على مودته؛" (مقدمة المجموع شرح المهذب (1/ 31)، بل ينبغي الاجتهاد في أداء حقوقه، وعدم التهاون فيها، حرصا على استبقاء المودة وتقويتها.
31: إيثار الأخ في الله: بمعنى أن تؤثره على نفسك، وخصوصا إذا كان محتاجا، وقد قال تعالى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الحشر:9، فإن لم تستطع إيثاره على نفسك فأشركه معك في الخير كما تحبه لنفسك.
32: تعاهد الأخ: أي: تعاهده بالسؤال عنه إذا غاب عن المسجد، أو عن عمله، وأن تطمئن على أحواله، وتتفقده بالزيارة في الله، فقد يكون محتاجا إلى مساعدتك.
33: مصادقة أصدقائه: بمعنى أن تصادق أصدقائه، خصوصاً إذا كانوا من أهل الخير والتقى، وقد قال الشافعي رحمه الله: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً، (نفس المصدر السابق والصفحة)، فإن ذلك من كمال الإخلاص له والوفاء لأخوته.
34: التجاوز عن زلاته: بمعنى التجاوز عن هفواته وأخطائه إذا كانت أمورا تافهة، ومسامحته إذا أخطأ في حقك. وقد قال الشافعي رحمه الله:" من صدق في أخوة أخيه قبل علله، وسد خلله. وغفر زلته" (نفس المصدر السابق والصفحة). ومعنى كلامه رحمه الله: (قبل علله): أي قبله بما فيه من العيوب، مع الاجتهاد في إصلاحها. (وسد خلله) أي اجتهد في استكمال نقصه، وإصلاح عيبه. (وغفر زلته): أي قبل اعتذاره، وتجاوز عن هفواته وأخطائه.
35: المصارحة مع الأخ الصديق: بمعنى مصارحته في كل الأمور، والانبساط معه، وعدم التكلف، قال الشافعي: "ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته" (نفس المصدر السابق والصفحة). ولا يصلح التعامل معه بالمداراة، والمواربة، واستعمال المعاريض في الكلام، فإن كل هذا ليس من علامات الأخوة الصادقة.
36: خلافته بخير: بمعنى أن تخلفه في أهله وولده بخير، إذا غاب، أ وسافر، فتتعاهدهم بالسؤال، والنفقة عليهم قدر الطاقة، وغير ذلك حتى لا يستوحشوا بغيابه. وقد كان هذا دأب السلف رحمهم الله، وذلك لصدقهم في أخوتهم. 37: شهود جنازته بمعنى أن تشهد جنازته إذا مات، وتتبعه حتى يدفن، فإن هذا من حقه عليك، وقد سبق ذكر الحديث الدال على ذلك في الأدب الخامس.
38: الاستغفار له: وسواء كان ذلك الاستغفار في حال حياته، أو بعد موته، فإنه من الدلائل على صدق المحبة. سواء عند قبره بعد الفراغ من دفنه، أو في أي وقت، وتدعو له إذا ذكرته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد دفن أحد أصحابه: " استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل " أبو داود (3221) والحاكم (1/ 370) وصححه، ووافقه الذهبي، عن عثمان بن عفان. صحيح الجامع (945). وهذا من أوضح الأدلة على ذلك، فينبغي للمؤمن ألا يهمل هذا الأدب أبداً.
39: تعاهد أهله: وولده بمعنى أن تتعاهد أهله, وأولاده بعد موته، فتقضي لهم حوائجهم، وتسأل عنهم، وترعاهم، وتعطيهم إذا احتاجوا، فإن هذا من الوفاء له بعد موته، ومن حقه وحق أولاده وأهله عليك. وقد كان هذا دأب كثير من السلف رحمهم الله تعالى.
40: ذكره بخير: بمعنى أن لا تذكره بعد موته إلا بخير، وتترحم عليه إذا ذكر أمامك، فإن هذا من بقاء العهد والوفاء. وكذلك ألا تسمح لأحد بذكره بالعيب بعد موته.
41: صلة أهله بعد موته: بمعنى أن تصل أهل مودته بعد موته، فإن ذلك من بقاء العهد، ومن كمال الوفاء. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصل أهل ود خديجة رضي الله عنها بعد موتها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة ......... " البخاري (3816، 6004) ومسلم (2434) مختصراً من حديث عائشة.
كما وردت الروايات بذلك عنه في الصحيح. فهذا من علامات الوفاء للأخ الصديق بعد فراقه لهذه الدنيا