تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بغداد يا مدينة العلوم , هل نسيت أيضاً هؤلاء التتار الجهلة , عندما أفسدوا البلاد وأحرقوا مكتباتك المليئة بمئات الألآف من الكتب وأغرقوا ما بقي من الكتب في نهر دجلة , لقد زعم الناس أنها نهايتك , لكنك نهضت بعدها سريعاً , وبنا أهلك حضارة جديدة , بنوا المدرس , وقامت دروس العلم , وانتشر العلم مرة أخرى , فأنت عاشقة العلم وناشرة الفضل فلا عليك أن سرقت كنوزك من التراث والكتب , فما في صدور أبنائك من العلم والمعرفة هو حضارة قائمة لوحدها.

بغداد يا مدينة السلام , لقد كان الفاتحون منك ينشرون الخير والسلام , فهل بقيت كذلك , كانت جيوش الفاتحين والمجاهدين تخرج من أرضك وكانوا يعبرون القارات لنشروا العدالة والأمن للناس , فهل أصبح أبنائك يحبون الخير والسلام لك , وهل حقاً أنهم يفجرون الممتلكات والبيوت والدور باسم الإسلام والجهاد , هل أصبحت برك دماء النساء والعجزة والشيوخ فيك تسيل باسم الدين الذي هو رحمة للعالمين , فصبراً يا بغداد على ظلم القريب وجهله.

أيتها الحبية القوية الحنونة بغداد ...

اسمحي لي ايتها المدينة الحنونة أنّ اسألك سؤالاً يبكيني ...

هل حقاً أن أطفالك كانوا يخرجون للمدارس فرحين في الصباح , ويعودون عند الظهيرة وقد استقبلتهم أمهاتهم بأحضان المحبة والشوق والأمل؟؟ ..

فهل أصبحوا يخرجون وهم يرقبون عدواً يقتلهم , أو يعودون في الظهيرة فلا يجدون في البيت إلا ألوان الدماء وأصوات الهلع؟؟

لقد هالني منظرهم أيتها الحبيبة وأنا أشاهدهم في صور الأخبار , هالني منظر الزهور البريئة وهي تقتل لا حول لها ولا قوة , تلك الزهرات الجميلة تنتهك طفولتها وتذبل أمام سمع وبصر العالم المتوحش , ولا أحد يبكي عليهم إلا من طرف خفي أو من وراء ستار , ولكن أبشري بالفرج بعد العسر , فأولئك الأطفال هم أبطال المستقبل والمدافعون عن حياض الإسلام والأمة , لقد رأوا الخوف والذعر في صغرهم وسينشرون الأمان للعالم , فقد عرفوا مرارة الظلم وقهر المستبد الغاشم ...

أيتها الساحرة الفاتنة .. خبريني عن الحدائق الغناء التي يحبها الناس إليها هل لا زالوا يذهبون ويستمتعون مع أطفالهم فيها اليوم ... وخبرينا عن المزارع الوارفة الظلال هل حولها الأعداء حطاماً وبقت أطلالاً , أتمنى يا بغداد أن تعود أجمل مما كانت , وأن تعود أكثر خضرة ونضارة ونقاء وصفاءً.

***********************

بغداد يا حبيبة الملايين وعشيقة المسلمين .....

سلام عليكِ وعلى جارتك البصرة تلك المدينة التي سكنها الصحابي الكريم أبو موسى الأشعري , وعاش على ثراها العالم الشهير الحسن بن سعيد البصري الذي ملأ الدنيا بمقولاته ومواعظه , وسلام على الخليل بن أحمد الفراهيدي وسلام على سيبويه وسلام على الأصمعي وعلى كل أعلام اللغة فيها , سلام على مدارس النحو والعروض والشعر.

سلام عليكِ وعلى جارتك الأخرى مدينة الكوفة منزل الصحابي العظيم عبدالله بن مسعود , ودار سفيان الثوري المحدث الحرّ النبيل الذي عاش للحديث والسنة عمره , وسلام على الكسائي عالم اللغة فيها الذي ملأ سماء النحو العربي بكلامه وتفريعاته , سلام عليه وعلى مشاكساته مع سيبويه.

سلام على مذاهب النحويين من البصريين والكوفيين , أعلام اللغة الفصحى , وعلماء اللسان العربي , وحماة لغة القرآن.

سلام عليك ِيا بغداد وعلى كل شبر في العراق .. الموصل , الأنبار, هيت , الفلوجة ... وماذا عساني أُسمي يا بغداد فعشرات المواضع العظيمة عاشت في قلوب المسلمين وكتبهم.

سلام عليكِ وعلى كل العراق الحبيب في الخافقين كل سح غمام وغرد حمام.

بغداد ...

حبيبتي بغداد لا تحزني ..... فإنّا أكثر حزناً منك , هل تعلمين أن دموع المسلمين تسيل على مصابك وألمك فصبراً يا بغداد , إن مكانك في سويداء القلب يا بغداد.

حبيتبي بغداد ... لا تيأسي فالأيام دول ولعل الله أن يأتي بالفرج من عنده.

حبيبتي بغداد ... من الحجاز من جوار الحرم المكي أكتب لك كلمات الحب والوفاء والعرفان , ومن جوار المسجد النبوي أدعوا لك ولأهلك بالأمن والأيمان , أقسم لك يا بغداد أن قلوب المسلمين تتفطر لجرحك ومصابك , وأنهم يبكون مجدك وحضارتك ولكنهم مغلوبون على أمرهم , فاصبري يا بغداد وابشري بالنصر والتمكين.

بغداد .... أنتظر عودتك وعودة الأمن والإيمان لربوعك الرائعة لأرتمي في أحضان المدينة الحالمة الجميلة , سأرتمي ألثم ترابك الطاهر , وسأرتمي أقبل وأحتضن نخيلك الباسقة , وسأرتمي بجوار دجلة لأضع فمي على مائه ارتشف من رحيقه العذب ..

يا حبيبة المسلمين بغداد ......

سأرتقب أمنك وسلامتك , وأرتقب أهلك وعلمائك وشعرائك , وأعلم أن الله قدّر لك المصائب لتكوني أقوى وأعظم مما يتصوره الناس.

يا حبيبة قلوب المسلمين .. بغداد .. ستعودين كما عهدناك , وستعودين مكاناً للعلم الجاد الرصين كما فعل علمائك الأوائل , وستعودين مكاناً للحلم والخيال الجميل حيث قصص ألف ليلة وليلة والسندباد وعلي بابا وعلاء الدين , وستعودين ملجأ للشعراء حول نهرك الجميل , ستعودين تملئين الدنيا ظرفاً وابتسامة كما فعل ابنك الظريف أبودلامة , ستعود حدائقك وستعود ابتسامتك وسترين أطفالك يقفزون فرحاً وهم يجمعون الزهور ويطاردون الفراشات , ستعودين مكاناً للتجارة والمال , ستعودين عاصمة العلم السني ناشرة للسنة طاردة للبدعة , وستعودين موطناً للثقافة العالمية التي يتفيأ ظلالها بنو آدم جميعاً.

ستعودين رغم أنف المغتصبين والظالمين.

حبيبة القلب ساكنة الفؤاد عليك سلام الله في كل حين.

بغداد ..... يا مدينة السلام دمت بخير وعافية ...

اللهم ألطف ببغداد وأهل العراق , وأمدهم بعون من عندك يا أرحم الراحمين , اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً , اللهم اكفهم شر الأشرار وكيد الفجار , اللهم أنزل الأمن والسكينة والرحمة والغوث على الحبيبة بغداد مدينة السلام ... وعلى العراق أجمع يا رب العالمين.

ابنك ياحبيبتي الغالية: خضر بن صالح بن سند ...... مدينة جدة حرسها الله ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير