وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ
وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ
وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ
وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»
نعم، فأصحاب الهمم العالية يظلون شوامخ كالجبال الراسيات
حتى يوم الحشر يظلون شوامخ
الآن فتش عن نفسك لتحدد موقعك
أفي ظل الله؟؟
أم في حر وكرب وضيق وهم وغم؟؟
تمر عليك خمسون ألف سنة بهذه الحالة لا تعرف شيئا عن مصيرك
يطول الانتظار فيضيق بالناس الحال
والآن لنعيش مع نور النبوة قليلا، لنرى وصف النبي لهذا المشهد المهيب
«يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ
فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ
وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي
وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ
فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ
أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ
فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ:
يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ
خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ
وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ
وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ
أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ
أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟
فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ
وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ
وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي
اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ.
فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ
وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا
أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ
أَلاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا
أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟
فَيَقُولُ رَبِّى غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ
وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِى نَفْسِى،
ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ.
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى
عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ.
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ.
وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَيَسْتَحِى مِنْ رَبِّهِ
فَيَقُولُ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ
وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ.
فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ
ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -
عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ.
فَيَأْتُونِي، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ»
ويبدأ الحساب
يقدم الخلق جميعهم بين يدي الملك الجبار
يكلمهم واحد واحد
ليس بينه وبينهم ترجمان
تعرض صحائفك
تُقرأ أعمالك
يسألك الله
أظلمتك ملائكتي
فلا تقوى على الجدال
فإنما هي أعمالك التي قدمت قد دونت
وها قد جاء يوم الحساب
يذكرك ربنا أتذكر ذنب كذا وكذا أتذكر يوم كذا وكذا
أكل هذه الذنوب فعلت
أكل هذه الجرائم ارتكبت
ذنوب لا تحصى
غيبة ونميمة
ترك للصلاة
استهزاء بالدين وأهله
كذب وظلم
عقوق للوالدين
غش وتضليل
سجل مفعم بمختلف الذنوب من أدناها إلى أقصاها
وفي حينها تحدد أنت مكانك الذي تستحقه
أتعلم لماذا؟
لأنك ضيعت فرصة سهلة كانت بين يديك في الدنيا
أتدري ما هي؟
أنها التوبة الصادقة
إنها وحدها التي تستطيع أن تطوي هذه الصفحات
بل وتبدل السيئات حسنات
فتقرأ عليك صحائفك فتبحث عن ذنوب كنت تعملها فلا تجدها
فتسأل يا رب فعلت كذا وكذا ولم أجده
فيقول لك الله نعم عصيتني ثم تبت فغفرتها لك
ويدني عليك الله ستره فإنه الستير سبحانه
فلا يحاسبك أمام الخلائق ولا يكشف ستر ذنوب سترها عليك في الدنيا
والآن قبل أن نصل لآخر مشهد
تتبعت كل المشاهد السابقة فحدد موقعك فيها بصدق لتعلم مصيرك جيدا
لا تخف إنه بينك وبين نفسك
ولا تخف أيضا إن الفرصة لا زالت متاحة لتصحيح أوضاعك وتغيير مكانك بل وتبديل حالك من حال إلى حال
ثم يبقى المشهد الأخير
إنه مشهد الصراط الذي ينصب على جهنم
له كلاليب تخطف الناس
أتدري من تخطف؟
تخطف من خطفته الشهوات في الدنيا وانغمس فيها فلا سبيل له من الفرار من هذه الكلاليب ليلقى في جهنم جزاء ما قدم من ذنوب
أما أهل الطاعة فيمرون على الصراط كالبرق الخاطف
ومنهم من يمر كالريح
ومنهم من يمر دون ذلك
بل منهم من يدخل الجنة حبوا
وبأي طريقة كانت
يكفيه من نعم الله أنه تجاوز كل هذه المشاهد ودخل الجنة
أما من غفل عن عدة هذا اليوم فهو أدرى بمصيره
«أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ»
فهنيأً لمن فاز
اللهم اكتبنا عندك من الفائزين
اللهم أمين
أسامة عبد العظيم
¥