تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بَعْض الَّذِيْن يَطْعَنُون عَلَى أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- تمْسِكُوْا بِمِثْل هَذَا الْحَدِيْث وَبِغَيْرِه: مما أنكرته عائشة -رضي الله عنها- على أبي هريرة ويقولون أن أبا هريرة لم يكن يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذبوا، فإن أبا هريرة حافظ الصحابة بلا مدافع وقد شهد له بذلك جمع من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كابن عمر وكطلحة بن عبيد الله وكزيد ثابت -رضي الله عنه-< o:p>

وَهُنَاك دَلَائِل كَثِيْرَة عَلَى حِفْظ أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- وَأَنَّه لَم يَكُن يَهِم فِي الْحَدِيْث بَل كَان ثَبْتاً فِي نَقْلِه عَن الْنَّبِي -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام - ومنه حديث البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-" قَال سَأَلْت الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَوْما فَقُلْت لَه مَن أَسْعَد الْنَّاس بِسعَادَيَتك، فَقَال يَا أبَي هُرَيْرَة مَا ظَنَنْت أَن يَسْأَلُنِي عَن هَذَا الْحَدِيْث أَحَد قَبْلَك لَما أَعْلَمَه مِن حِرْصِك عَلَى الْحَدِيْث أَسْعَد الْنَّاس بِشَفَاعَتِي مَن قَال لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه خَالِصا مِن نَفْسِه."< o:p>

وروى الإمام النسائي في كتاب العلم من السنن الكبرى بسند حسن عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وهو أحد كتاب الوحي وهو الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفرضهم زيد أي أعلمهم بالفرائض، قال:" زَيْد وَجَاءَه رَجُل يَسْأَلُه مَسْأَلَة فَقَال لَه زَيْد عَلَيْك بِأَبِي هُرَيْرَة فَقَال لَه الْرَّجُل لَمَّا قَص عَلَيْه زَيْد الْوَاقِعَة الْتَّالِيَة قَال: بَيْنَمَا أَنَا جَالِس أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَة وَرَجُل آَخَر مِن الْأَنْصَار إِذ قُلْنَا لِيَدْع أَحَدُنَا وَلْيُؤْمِن الْآَخَرَان،_ يَعْنِي كُل وَاحِد مِن الثَّلَاثَة يَدْعُو الْآَخَرَان يُؤْمِنَان عَلَى دُعَاءَه،_ قَال زَيْد: فَدَعَوْت وَأَمِن صَاحِبَاي، وَدَعَا صَاحِبُنْا وَأَمِنَت وَأَبُو هُرَيْرَة، فَلَمَّا جَاء دَوْر الْدُّعَاء عَلَى أَبِي هُرَيْرَة خَرَج عَلَيْنَا رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- فَسَكَتْنَا، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام-: مَاذَا كُنْتُم تَصْنَعُوْن؟ قُلْنَا يَا رَسُوْل الْلَّه: قُلْنَا لِيَدْعُو أَحَدُنَا وَلْيُؤْمِن الْآَخَرَان، فَقَال الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- لِيَدْعُو أَحَدُكُم فَكَان الدَّوْر عَلَى أَبِي هُرَيْرَة، فَقَال أَبُو هُرَيْرَة الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك مَا سَأَلَك صَاحِبَاي. _ كَذَلِك اخْتَصَر أَبُو هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- دُعَاء صَاحِبَيْه فِي هَذَا الْكَلِمَة، قَال:" الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك مَا سَأَلَك صَاحِبَاي وَأَسْأَلُك عِلْماً لَا يَنْسَى، فَأَمِن رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَأَمِن الْرَّجُلَان، فَقَال زَيْد وَنَحْن يَا رَسُوْل الْلَّه نَسْأَل الْلَّه عِلْما لَا يَنْسَى، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- سَبَقَكُمَا بِهَا هَذَا الْغُلَام الْدَّوْسِي"< o:p>

وهذا مما يدل دلالة صريحة على أن هذا مم اختص به أبو هريرة -رضي الله عنه- وإلا لو كان الأمر مبذولاً وليس من خصائص أبي هريرة -رضي الله عنه- لأمن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على دعاء زيد،.< o:p>

وَهُنَاك أَحَادِيْث كَثِيْرَة مَشْهُوْرَة تَدُل عَلَى حِفْظ أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- وَأَن هَذَا كَان خِصِّيْصَة لَه دُوْن غَيْرِه مِن سَائِر الْأَصْحَاب.< o:p>

حتى أن عائشة -رضي الله عنها- كما في مستدرك الحاكم بسند جيد " لمَّا أَنْكَرْت عَلَى أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- بَعْض مَا يَحْدُث فَقَال لَهَا يَا أُم إِنَّه كَان يَشْغَلُك عَن رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- الْمُشْط وَالْمِرْآة، وَأَنَا كُنْت أَدُوْر مَع الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- عَلَى مِلْء بَطْنِي"< o:p>

الْشَّاهِد مِن الْحَدِيْث: يعني لم يكن له شاغل في الدنيا إلا أن يرمق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينقل صفته، ينقل انفعاله، ينقل كلامه، ينقل سكوته، ينقل كل شيء، كان كأنه الكاميرا المسجلة للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-< o:p>

فبين عذره حتى أنه قال أيضًا:" إِن إِخْوَانَنَا مِن الْمُهَاجِرِيْن كَان تَشْغَلُهُم تِجَارَاتِهِم وَإِخْوَانِنَا مِن الْأَنْصَار كَانَت تَشْغَلُهُم زُرَاعَاتِهُم أَمَّا أَنَا فَكُنْت امْرَء مِسْكِيْناً مُلْصَقاً بِرَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَمْشِي مَعَه عَلَى مِلْء بَطْنِي"< o:p>

حتى أن ابن عمر في واقعة له مع أبي هريرة فيما يتعلق بكلب الزرع وغيره شهد لأبي هريرة بأنه كان يحضر إذا غاب الصحابة وكان يحفظ إذا نسي الصحابة. أنا أقول هذا الكلام لأن هذا الباب ذلت فيه أقدام رجال من الفضلاء سواء من المتقدمين أو من المعاصرين إذ ظنوا أن لعائشة -رضي الله عنها- مذهبًا يخالف مذهب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتوا بمثل هذه الواقعة وغيرها في الاعتراض على أبي هريرة وغيره وهذا أمر لا بد لي من وقفة معه لأبين هل عائشة -رضي الله عنها- كانت تنكر أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بظاهر القرآن وأنه كان مذهبًا لها أم لا؟ وهل العلماء سلموا لهذا الكلام أم أن لهم في ذلك كلام وتأويلات؟ هذا ما سنتناوله إن شاء الله تعالى في المرة القادمة إن جمعني الله بكم مرة أخرى < o:p>

وَاللَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم وَمَا سَمِعْتُمُوْه مِنِّي زَاداً إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّاً إِلَى يُمن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْلٍ كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد.< o:p>

انْتَهَي الْدَّرْس الْثَّالِث< o:p>

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير