[هتك مقولة: (علماء الحيض والنفاس) وبيان ضرورة تعلم أبواب الحيض.]
ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[26 - 07 - 10, 12:07 م]ـ
الحمد لله وحده, وصلى الله على من لا نبي بعده, وأشهد أن إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فكثيرا ما يستعمل الحاقدون على الملة, وأعداء السنة, عبارة (علماء الحيض والنفاس) للسخرية من علماء الأمة, والتنقيص من قدرهم, ونبزهم واحتقارهم. يحاولون إسقاط هيبتهم من قلوب العوام, ليقطعوهم عن حملة الشريعة, حتى إذا احتاجوا لدينهم أخذوه من أعدائهم, وقد تقبل مثل هذه العبارات كثير من المغفلين والسذج ممن غربت شمس عقولهم, وخيم ظلام الجهل على قلوبهم, وتلقفوها تلقف السفيه ,وصاروا يرددونها مستهزئين محتقرين فعل أهل الجهل والهوى.
فالماء على لسان المريض مر, والشمس في عين الأعمى ظلمة, والحرير على جلد الجرب خشن.
والحق أن هذه العبارة مدح عظيم, وشرف جليل, وتنويه كبير لو تأملها منصف عاقل, وتدبرها لبيب فطن ,فباب الحيض والنفاس والاستحاضة من كتاب الطهارة من أدق الأبواب, وأجل المباحث والمسائل, وأنفس فروع الشريعة. فبمثلها يعرف قدر عقل الفقيه, وبنحوها يقاس ذكاؤه وفطنته, وتركيزه وقوة عقله. فليعلم المغرضون, وأهل الهوى المفسدون أن الله تعالى قال: (قل موتوا بغيظكم)
ما وجد هؤلاء السفلة إلا مثل هذا ليرووا ظمأهم, وما يشربون منه إلا حميما من حقد يقطع أمعاءهم. يؤذون الله في أولياءه, ويحاربون أولياءه وهو هازمهم.
ألم تر في كبار الطير سرا تسالمنا ويؤذينا البعوض
وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام أن (زعيما من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه فكان يقول: إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة هذا كلام هؤلاء الزائغين قاتلهم الله.) اهـ
ولدقة مسائل الحيض وما جاوره, صرح بعضهم بأنها قد تستعصي على الحافظ للفروع المتبحر في معرفة المسائل. فقال ابن قدامة في روضة الناظر (1/ 138): (والحافظ للفروع قد لا يحفظ دقائق مسائل الحيض والوصايا) وجعلها الصفدي من مسائل الفقه الغامضة في (نصرة الثائر على المثل السائر).
وهذه باقة فواحة, من كلمات أنيقة بين يديك لأئمة فقهاء من أذكياء العالم , شهدوا بما ذكرته, وقرروا ما حكيته.
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (مسائل الاستحاضة من أشكل أبواب الطهارة) الفتاوى (21/ 22)
وتظهر أهمية هذا الباب في كثرة الأبواب المتعلقة به, والمتوقفة على إتقان مسائله, وتحرير مباحثه,. قال ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 224و225): (جملة ذلك خمسة ... وينتهي بالتفصيل إلى ستة عشر حكما تفسيرها في كتب الفروع).
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (2/ 352): (اِعلم أن باب الحيض من عويص الأبواب, ومما غلط فيه كثيرون من الكبار لدقة مسائله, واعتنى به المحققون, وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة, وأفرد أبو الفرج الدارمي من أئمة العراقيين مسألة المتحيرة في مجلد ضخم, ليس فيه إلا مسألة المتحيرة وما يتعلق بها, وأتى فيه بنفائس لم يسبق إليها, وحقق أشياء مهمة من أحكامها, وقد اختصرت أنا مقاصده في كراريس, وسأذكر في هذا الشرح ما يليق به منها إن شاء الله تعالى. وجمع إمام الحرمين في (النهاية) في باب الحيض نحو نصف مجلد, وقال بعد مسائل الصفرة والكدرة لا ينبغي للناظر في أحكام الاستحاضة أن يضجر من تكرير الصور وإعادتها في الأبواب).وبسط أصحابنا رحمهم الله مسائل الحيض أبلغ بسط, وأوضحوه أكمل إيضاح, واعتنوا بتفاريعه أشد اعتناء, وبالغوا في تقريب مسائله بتكثير الأمثلة, وتكرير الأحكام, وكنت جمعت في الحيض في شرح المهذب مجلدا كبيرا مشتملا على نفائس, ثم رأيت الآن اختصاره, والإتيان بمقاصده ,ومقصودي بما نبهت عليه ألا يضجر مطالعه بإطالته, فإني أحرص إن شاء الله تعالى على ألا أطيله إلا بمهمات, وقواعد مطلوبات, وما ينشرح به قلب من به طلبٌ مليح, وقصدٌ صحيح, ولا التفات إلى كراهة ذوي المهانة والبطالة, فان مسائل الحيض يكثر الاحتياج إليها لعموم وقوعها, وقد رأيت مالا يحصى من المرات من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه, لا يهتدي إلى الجواب الصحيح فيها إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض, ومعلوم أن الحيض من الأمور العامة المتكررة, ويترتب عليه ما لا يحصى من
¥