أما الخمر فهو الشراب المسكر الذى حرمه المولى سبحانه وتعالى وحرمه المصطفى صلى الله عليه وسلم كما وضحنا سابقاً فهل يعقل أن يشرب المصطفى شيئاً حرمه على المسلمين؟! حاشاه ذلك .. فلم يرد في أي حديث صحيح أو حتى ضعيف ما يؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرب الخمر , بل ورد أنه قد شرب النبيذ ولكن الجهل باللغة العربية جعل الكاتب يساوي بين الخمر والنبيذ ويعتقد أن كليهما واحد.
فمما جاء في لسان العرب والقاموس المحيط ومختار الصحاح في باب (ن ب ذ) الآتي: النبذ هو الطرح، ونبذ الكتاب وراء ظهره: ألقاه وانتبذ عن قومه: تنحي يقول تعالي: (فانتبذت من أهلها مكاناً شرقياً) والانتباذ والمنابذة: تحيز كل واحد من الفريقين في الحرب ويقال نابذهم الحرب يقول تعالي (فانبذ إليهم علي سواء) والنبيذ: هو واحد الانبذه، وهو ما نبذ من عصير ونحوه ... وسمي النبيذ نبيذاً لأن من يتخذه يأخذ تمراً أو زبيباً ونحوه (فينبذه) في وعاء أو سقاء ويدع عليه الماء حتى يفور فيصير بعد فترة مسكراً ...
النبيذ: ما يعمل من الأشربة من التمر والعسل والزبيب والشعير ونحوه وقال ابن عمر (البِتْع هو نبيذ العسل، والجِعْة نبيذ الشعير، والمَذْر نبيذ الذرة، والسُكرُ نبيذ التمر، والخمْرُ نبيذ العنب)
والنبيذ مالم يُسكر فهو حلال وإذا اسكر حرّم. وفى السنة المطهرة أدلة على جواز شرب النبيذ قبل غليانه (تخمره) فيصبح مسكراً وذلك بشرطين:
الأول: ألا يأتي عليه ثلاثة أيام بلياليهن.
الثاني: ألا يجمع فيه بين شيئين مختلفين كتمر وزبيب.
ودليل ذلك ما رواه مسلم وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كُنّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِقَاءٍ. يُوكَىَ أَعْلاَهُ. وَلَهُ عَزْلاَءُ. نَنْبِذُهُ غُدْوَةً، فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً. وَنَنْبِذُهُ عِشَاءً، فَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً.
ودليل اشتراط ألا يأتي عليه ثلاثة أيام ولياليهن ما رواه مسلم وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقع له الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى أو يهراق.
وفى الحديث الذى رواه مسلم بسند صحيح:سأل قوم ابن عباس عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها؟ فقال: أمسلمون أنتم؟ قالوا: نعم. قال: فإنه لا يصلح بيعها ولا شراؤها ولا التجارة فيها.قال: فسألوه عن النبيذ؟ فقال: خرج رسول الله في سفر ثم رجع وقد نبذ ناس من أصحابه في حناتم ونقير ودباء. فأمر به فأهريق.ثم أمر بسقاء فجعل فيه زبيب وماء. فجعل من الليل فأصبح. فشرب منه يومه ذلك وليلته المستقبلة. ومن الغد حتى أمسى. فشرب وسقى. فلما أصبح أمر بما بقي منه فأهريق.
وقال الشعبي: اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي.، وقال الشوكاني: قوله: في ثلاث، فيه دليل على أن النبيذ بعد الثلاث قد صار مظنة لكونه مسكراً فيتوجب اجتنابه.
ودليل اشتراط عدم الجمع بين شيئين مختلفين في النبيذ ما رواه الجماعة إلا الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعاً، ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعاً"
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجمع شيئين نبيذا يبغي أحدهما على صاحبه. رواه النسائي، وقال الألباني صحيح الإسناد. وعلة ذلك أن الخلط بين هذه الأشياء يسرع عملية التخمر فيصبح النبيذ مسكراً.
ومما سبق يتضح لنا جلياً أن النبى حينما قال فى حديث أبى العالية اشرب النبيذ ولا تُمَزِّرْ كان يتكلم عن شىء مختلف تماماً عن الخمر وحلال شربه ألا وهو النبيذ بشرطيه. والدليل على ذلك أيضاً ما جاء فى شرح هذا الحديث فى نفس المراجع التى ذكر بها الحديث نفسه.
¥