أولا: لاشك أن اقتفاء سنة المصطفى- عليه الصلاة والسلام - في العبادة -سواء في أصلها أو في وسائلها هو الأفضل والأسلم لدين المرء واتقاء للشبهات خاصة وأن كثيرا من الوسائل قد قام المقتضى على فعلها زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها
ثانيا: قد تطرأ على الإنسان حالات من السهو الفاحش وشرود الذهن إما لكبر سن أو لمرض أو كثرة وسوسة فلا مانع - إن شاء الله من استعمال - مثل هذه الوسائل لضبط العبادة وقد ثبت عن بعض السلف رحمهم الله شيء من هذا القبيل
فقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" من حديث صالح بن درهم، عن عبدالله بن عمر أنه جاءه رجل يسأله عن الطواف على الصفا، فقال له: افتتح بالصفا واختم بالمروة، قال: وإن خشيت أن تنسى فخذ بيدك حصى، وضع عند الصفا واحدة، وعند المروة واحدة،
وروى الفضل بن شاذان في كتابه "عد الآي والركعات في الصلاة" من حديث عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - عليها رضوان الله تعالى - أنها كانت إذا صلت المكتوبة عدت صلاتها بخاتمها تحولها في يدها حتى تفرغ من صلاتها تحفظ به. وهذا سند صحيح: وانظر كتاب:أحكام الخواتيم وما يتعلق بها ص:109
وفي نفس المصدر عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي قال: لابأس أن يحفظ الرجل صلاته بخاتمه.
ثالثا:
أما تعليل منعها من كونها تذهب الخشوع، فلا أراه وجيها لأمور:
1/منها: ما كانت تصنعه عائشة رضي الله عنها من تحويل الخاتم في الأصابع يستدعي حركة متكلفة ومع هذا كانت تفعله، والسجادة الالكترونية لا تتطلب أي حركة، فدل على أنها أولى بالجواز من الخاتم والحصى
2/ ومنها: إذا تساهلنا في استعمال مثل هذه السجادة في حق الموسوس والكبير ضعيف الذهن-كما أسلفت آنفا- فليس ذهاب الخشوع بهذه الأمور بأولى من ذهابه بسبب انشغال الذهن بأضواء السجادة
3/ أن غالب السجادات المستعملة اليوم كثيرة الزينة والزخرفة تأخذ بلب الرجل، ومع ذلك لم يمنع من الصلاة عليها-على حد علمي- أحد اللهم إلا إذا أخذت بعقل المصلي وانتفى بسببها الخشوع بالكلية فمن هذه الحيثية تمنع أو تكره.
رابعا: إذا قلنا بجواز استعمالها فإنما هي للفرد أما للجماعة فالأولى تركها سواء في حق الإمام أو المأمومين لأن الجماعة لا يدخلها السهو الفاحش أو الوسوسة الكثيرة التي يصعب معها ضبط عدد الركعات، فإذا سها الإمام نبه من قبل المأمومين وإذا سها المأموم وكثر سهوه اضبطت صلاته بمتابعة إمامه والمصلين الذين بجانبه، وكذلك هناك معنى آخر: لو استعملت مثل هذه السجادة -في صلاة الجماعة ومن قبل الفرد الصحيح سليم الذهن-لم يعد هناك سهو وانتفت أحكامه وهو من العبادات التي تعبدنا الله بها، ثم إن باستعمالها لم يعد هناك شحذ للهمة واستحضار للذهن من أجل متابعة الإمام في عدد الركعات ومحاسبته في ضبطها، ولهذا قلت في مطلع كلامي إنه من الأولى أن لا تستعمل هذه السجادة إلا في حق من كثر سهوه أو ضعف ذهنه بحيث يشق عليه ضبط صلاته وكان منفردا
هذا ما ظهر لي والله أعلم وأحكم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=213621
إجابةٌ قيّمة جداً ولو أني رأيتها قبلَ ادراجي لهذا الموضوع لاكتفيتُ بها
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا ..