[((وسادت النمل)) أو: ((من وحي النمل))]
ـ[مصطفى جعفر]ــــــــ[03 - 08 - 10, 05:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
((وسادت النمل)). أو إن شئت قل: ((من وحي النمل))
هذه قصة قصيرة مستوحاة من حقائق، ومنسوخة بخيال.
ساد صمت عميق، بعد أن جاء المارد الجبار المعتدي ليدك معقل النمل ويقتل ويأكل منهم المئات بل الألوف، بل إن شئت قل الملايين.
هذه النملة فقدت أخاها، وهذا فقد أخته، وهذا، وهذا .. .
ثم بدأت أصوات التزمجر تعلو، إلى متى كل ما نبني قواعدنا ونربي أجيالاً يأتي هذا المعتدي الجبار ليهلكنا ويضعفنا ويجعلنا نعود إلى الوراء؟
ثم تتالت الصيحات منها:
هيا للرحيل
ومنها: بل استكينوا وهذا قدركم.
بل أنت جبان، بل أنت متهور، بل .. ، بل ..
وقطع تلك الأصوات اليائسة البائسة الضعيفة المستكينة، أما فكرتم في الخلاص؟
فإذا يعاد الشريط بين يائس وبين هارب ...
فعاد الصوت من جديد لكنه ليس ثَمَّ خلاص إلا خلاص واحد.
بدأ الأمل يَدُبّ في بعض النمل، وكثير ما زال يغط في انكساره، فبدأت صيحات الاستفهام قل يا حكيمنا كيف الخلاص؟
قال الحكيم: قد هاجر من قبل أمم وما زال يطاردها هذا المارد المعتدي، وأكل منها الملايين ودك حصونها الجديدة.
فقيل له: وهذا الذي يُعجزنا ويقهرنا.
قال الحكيم: بل هو الأمل والذي لا محيص عنه، إنها معركة حياة وكرامة، إنه ليس ثَمَّ إلا النزال.
فقيل: النزال؟ أو مجنون أيها الحكيم أم خرفت؟
قال الحكيم: بل الحق أقول، أو ترون أن كل فرار أضحى أضحوكة ولا ينجو منه إلا القليل، أما ترون أننا في خسران إلى خسران وذل وعار.
قيل: وما تصبو إليه؟
قال الحكيم: الذي أصبو إليه هو إعادة تفكير في كيف يكون لنا هجوم مضاد مخطط نستطيع به مع اتحاد كلمتنا أن نشل جزء صغير من هذا المارد المعتدي.
قيل: ثُمَّ ماذا؟
قال الحكيم: ثم من هذا الجزء نركز ضرباتنا ونشغله بهجوم على بقية جسده، وبهذا نستطيع أن نشل حركته، ثم نفسد له هذا الجزء، سينقلب من مارد جبار إلى مكسور متألم من هذا الجزء، ثم منه إلى بقية الجسد، وهكذا نغلبه ونسيطر عليه.
بدأ تعود صيحات الانهزام، لكن صيحات الحماس علت وبدأ صوت الانهزام ينخفض شيئًا فشيء، بل يذوب في صيحات القوة، بل يتلاشى.
وبدأ الحكيم في تنفيذ خطته، وعملوا السراديب وخططوا لوضعه بعد طُعْمٍ معين ليكون في مكان معين ساعة الهجوم.
وجاء المارد العاتي، قائلاً: هاأنذا قد عُدت لأدك معاقل المتخلفين، لأدك الحضارات ولا أبقي إلا حضارتي، ولا يكون إلا سلطاني أين العبيد، فإني إلى إزهاق أنفسهم متعطش.
وبدأ الطُّعم يظهر سريعًا ثم يختفي، فقال: إذًا هنا المخبأ، واقترب من المخبأ وبدأ بمنقاره ومخلبه يحفر ليصل إلى المخبأ. فما كان من كتائب النمل المخفاة إلا تقفز بإشارة من الحكيم لتلتف وتعلو رجله اليسرى وتنخر في أصبع واحد، وواحد فقط، فبدأ الألم يسري في وجدانه ولكن هيهات هيهات أنا المارد، وقد ظهروا كي آكلهم كلهم، وبدأ لينفض رجله، ولكن هناك من الطرف الضعيف استماتة، فبدأ يضرب العشرات ويتساقطوا، لكن ملايين أخرى قادمة وليس لها صوب إلا أصبعه، الألم يزداد، وهذه جموع أخرى غير خائفة مثل كل مرة آتية فهذه لقدمي اليمنى وهذه آتية من فوق الأغصان لعيني وهذه لرأسي، زمجر أنا المارد سأبيدكم، ولكن صوته كان كله حماس لهم أن بدأ الأمل يدب وها هو بدأ يحاول أن يخيف إذًا قوته بدأت تتشتت، لا يستطيع السيطرة، ألم في أصبعه يكاد يسقطه، وإصابات غير قوية لكن باجتماعها بدأت تجعله ينهار، الله أكبر بل سقط، وَجَّهَ الحكيم إحدى قوى النمل إلى عينه وأخرى على أماكن ضعيفة، وازداد هجوم النمل، وبدأ المارد الجالس تنهار قواه بل تَمَدَّ أرضًا، وازداد الهجوم والقرص وكثر الهجوم أكثر فأكثر، وأراد فريق الأصبع أن يتحول إلى مكان آخر، فصاح الحكيم: بل هذا الموضع الذي جعله ينهار فاستمروا، فلم يُعْصَ.
وفي أوج الانتصار وفي وطيس المعركة إذا بقرية من النمل آتية، وبدأ الفريق الأول ينقسم لا بد أن نهلك عدونا الأول قرية النمل الآتية، أما هذا المارد فقد تعودنا على الذل له أم هذه القرية الأخرى فقد تتغلب علينا بعد إنهاك قوانا مع المارد.
¥