[لا بد أن تنشر لكل حركة وكلمة منك ديوانان!]
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[07 - 08 - 10, 06:28 ص]ـ
محاسبة النفس بعد العمل، على ثلاثة أنواع:
أحدها /
محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى، فلم توقعها على الوجه الذى ينبغي.
وحق الله تعالى فى الطاعة ستة أمور قد تقدمت، وهى:
الإخلاص فى العمل، والنصيحة لله فيه، ومتابعة الرسول فيه، وشهود مشهد الإحسان فيه، وشهود منة الله عليه فيه، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله.
فيحاسب نفسه: هل وفى هذه المقامات حقها؟ وهل أتى بها فى هذه الطاعة؟.
الثاني /
أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا له من فعله.
الثالث /
أن يحاسب نفسه على أمر مباح، أو معتاد: لم فعله؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة؟ فيكون رابحا، أو أراد به الدنيا وعاجلها، فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به.
وأضر ما عليه الإهمال، وترك المحاسبة والاسترسال، وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذه حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب، ويمشى الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه والنظر فى العاقبة. وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب، وأنس بها، وعسر عليها فطامها، ولو حضره رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام وترك المألوف والمعتاد.
قال ابن أبى الدنيا: حدثني رجل من قريش، ذكر أنه من ولد طلحة بن عبيد الله قال: «كان توبة بن الصمة بالرقة، وكان محاسبا لنفسه، فحسب يوما، فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هى أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ، وقال: يا ويلتى، ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفى كل يوم آلاف من الذنوب؟. ثم خرج مغشيا عليه، فإذا هو ميت، فسمعوا قائلا يقول: «يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى»».
وجماع ذلك /
أن يحاسب نفسه أولا على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصا تداركه، إما بقضاء أو إصلاح. ثم يحاسبها على المناهي، فإن عرف أنه ارتكب منها شيئا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية. ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى. ثم يحاسبها بما تكلم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشت يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أرادت بهذا؟ ولم فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته؟
ويعلم أنه لابد أن ينشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لم فعلته؟ وكيف فعلته؟ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثانى سؤال عن المتابعة،
وقال تعالى:
{فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون} [الحجر: 92 - 93] وقال تعالى {فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين * فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} [الأعراف: 6 - 7] وقال تعالى {ليسأل الصادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8].
فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟.
إغاثة اللهفان (ص 91)
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4