تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قنوات تسرق منا رمضان]

ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[11 - 08 - 10, 11:25 م]ـ

[قنوات تسرق منا رمضان]

للكاتب: عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله -تعالى- واحمدوه واشكروه على أن بلغكم شهر رمضان، رمضان النور والذكر والخير والطهر، فيه ليلة القدر والذكريات الكثر، فيه عزّ الفتح وفيه نصر بدر، وفي ختامه بهجة العيد وفرحة الفطر.

أيها المسلمون، نسمع عن سرقة الجواهر والأثاث والدنانير وعن الاعتداء وقطع الطريق، لكن كيف يُسرق من الناس رمضان؟! نعم إخوتي، من أولئك الذين يسرقون من المسلمين رمضان ثم يعلنون على صحف الجرائد سرقاتهم هذه لتلك اللحظات المباركة في هذا الشهر العظيم؟! وكيف واتَتهم الجراءَة ليسرقوا هذا الشهر الكريم بعد أن مثّلوا وخرّبوا أوقاتِ الشهور الأخرى التي لم يكفِهم الفساد فيها فجلبوه إلى رمضان؟! لعلّكم إذًا عرفتم هؤلاء السارقين، إنهم من اعتدى على الأمّة قبل وبعد وأثناء رمضان، فانبروا بقنواتهم الفضائية المهترئة وباسم الترفيه عن الصائمين بطرح برامج ومسلسلات لهم تتنافس فيما بينها لسرقة رمضان وجوِّه الروحي من عباد الرحمن الذين رضوا بها فشاهدوها مضيِّعين معنى الصوم الحقيقي وهو التقوى، فمن لم يدع قول الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه.

أيها الإخوة، في رمضان يعطى السائل ويغفَر للتائب، تتّصل القلوب ببارئها، تمتلئ المساجد؛ هذا مصلٍّ، وهذا ذاكر، وآخر يتلو كتاب ربّه، كلهم يرجون الأجر والتخلّص من أوزار الذنوب. ترى هؤلاء وتحمَد الله، لكنك تحزن وأنت ترى بالمقابل فئامًا من الناس يستقبلون رمضان انتظارًا لأن تتسلّط عليهم هذه القنوات ببرامجها التافهة التي تحمل شرًا وفسقًا ورقصًا وعريًا، والأعظم استهزاء بدين الله وشرائعه وتشويهًا للتاريخ ومراجعه. فما الذي دهى القوم؟! قد يكون هدف هذه القنوات ماديًا لجلب المال، ولكن بالمقابل كيف بمن أضاع فرصة رمضان العظيمة بالمغفرة والرحمة والعتق من النار ليشتري بدلاً منها وزرًا وإثمًا؟! ثم ألم يكف هذه القنوات ورجالها ما أفسدوه خلال العام في بيوت المسلمين ليعتدوا على هذه الشهر الكريم بهذا الفسق والفجور بالبرامج الرمضانية كما يسمونها؟! ما الذي دهى القوم؟! وأيّ قناعات تسرّبت إليهم ليجعَلوا من شهر التقى والعفاف موسم حياة لاهية وسمر عابث؟! أين هم من النداء الرمضاني «يا با غي الخير أقبل، ويا با غي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة» [صححه الألباني]؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله.

أيها المسلمون الصائمون، إن البرامج الفضائية كما هو مشاهد أنها تنشط في رمضان بشكل عجيب، ويتضاعف جهود المحطات وقنوات البث، وهذا لا يتعارض مع حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المتفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين» [رواه البخاري]، وفي رواية مسلم: «وصفدت الشياطين» لأنّ الذي يسلسل هو الشياطين من الجن كما جاء في رواية الترمذي وابن ماجه: «ومردة الجن» [صححه الألباني]، لكن الذين وراء هذه البرامج هم مردة شياطين الإنس ممن يتسمّى بأسماء إسلامية، وبعضهم من هذه البلاد، لكنه مع الأسف يتنكّر لدينها وأهلها، بل وعاداتها وتقاليدها المرعيّة بهذه البرامج ودعمها المادي وهي التي لا هدف لها إلا إزالة الأجر والثواب الذي حصل عليه العبد في نهار رمضان، فتأتي هذه البرامج وتقضي عليه بالليل. لكن هؤلاء الشياطين لم يدَعوا الصائمين من جمع الحسنات حتى في النهار، هي تعمل طوال ساعات الليل والنهار، فانشغل الكثيرون حتى في نهار رمضان عن الذكر والاستغفار وقراءة القرآن، وجلسوا أمام هذه القنوات، واكتفوا من الصيام بالإمساك عن الطعام فقط.

قد يتهمني البعض -إخوتي- بالمبالغة والتهويل، لكن تعالوا إلى حديث صريح نناقش إخواننا فيه المتابعين لتلك البرامج هدانا الله وإياهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير