تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها المسلمون، هل ينكر أحدٌ منا أن الله حرم علينا -معاشر الرجال- النظر إلى المرأة الأجنبية؟! ولا أتكلم عن الخلاف المعروف بين الفقهاء في وجه المرأة لأن الذي يعرض على التلفاز وجه المرأة وشعرها وصدرها وذراعاها وساقاها، وربما أعظم من هذا، هل ينكر أحدٌ منا أن الإسلام قد حرّم علينا الاستماع إلى الغناء وآلات الطرب واللهو؟! ولا يمكن أن تخلو برامج هذه القنوات من أصوات الموسيقى المحرمة. كل هذا -أيها الأحبة- لو سلّمنا بأن ما يعرض على الناس هو النساء والموسيقى، ولكن الواقع أن الأمر أعظم من هذا، واعذروني أن أخدش سمع أولئك الذين عافاهم الله من هذا البلاء، ولكن الوعي له تبعاته.

إن الذي يعرض على الناس الآن في رمضان الشرك والكفر بالله -تعالى-، يعرض على الناس السحر والشعوذة والزندقة، ويعرض على الناس تمثيليات الجنس ومسلسلات العشق والغرام والكذب والسيئ من الأخلاق، يعرض على الناس الزنا الصريح، يعرض على الناس صور الجريمة وأساليب النصب والاحتيال، يعرض على الناس التهوين بحجاب المرأة والاستهزاء بعباءتها ونقابها وعادات المجتمع وتقاليده، يعرض على الناس برامج منتجة في بلاد عربية مسلمة وأغلب القائمين على إنتاجها وتمثيلها نصارى يحاربون الله ورسوله، يعرض على الناس الخمر والمخدرات. قنوات غنائية تبثّ على مدار الساعة أغاني يستحي الإنسان من وصفها فكيف بصوَرها وكلامها ورقصها؟! وهي لا تستحي أن تتوقّف حتى في رمضان تُرى هل تبلّدت أحاسيس الناس؟! وهل ماتت الكثير من الفضائل الإسلامية في نفوسهم حتى صاروا يتقبلون أن ينظروا في الشاشة رجلاً يحتضن بنتًا شابّة على أنه أبوها؟! ونحن مطالبون أن نأخذ الأمر بعفويّة وطبيعية يدعوننا إليها.

وصرنا لا ننكر وجود رجلٍ وامرأة في وضع الزوجين، ونصِف الرجل بأنه ممثل محترم وأنها ممثلة قديرة، وصرنا لا ننكِر أن تظهر المرأة حاسِرة الرأس كاشفةَ الشعر والرقبة والذراعين والساقين، ثم تهريج وإضحاك غير منضبط واستهزاءٌ بالشعوب واللهجات وانتقادٌ واستهزاءٌ لما حسن من العادات.

برامج تجعل من العادة مناظر احتساء الخمور والتدخين والاغتصاب والسرقات والقتل والسباب بأقذع الألفاظ، وتقبَّلنَا كلَّ هذا على أساس أنه تمثيل، وكل هذا متّفقون جمعيًا على أنه حرام مضادّ لأمر الله عز وجل، فهم يستهزئون بدين الله حين يظهرون رجال الدّين على أنهم من كلّ شرّ قريب، ويظهرون أنفسهم بهيئاتهم المزرية على أنهم المصلِحون المجدِّدون.

أيها الصائمون، أسألكم وأنتم تعرفون الجواب: هل يتناسب كل ما ذكر مع رمضان شهر جمع الحسنات وشهر نزول الرحمات والبركات؟! كيف تنزل الرحمات على البيوت؟! ما هذه التناقضات التي نعيشها؟! نمسك عن الطعام والشراب ولا نمسك عن النظر والاستمتاع، هل الصيام فقط الامتناع عن الأكل والشرب؟! من كان لا يعرف الصيام إلا بهذه الصورة مخطئ وجاهل، الصيام هو صيام الجوارح كلها لكي يخرج في النهاية {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

فهل مشاهدة هذه البرامج تكسب التقوى؟! إنها تقضي على البقية الباقية من إيمان العبد. كيف نرضى لأنفسنا أن نرتكب المحرم ونحن صائمون؟! كيف نرضى أن نخالف ونطيع في نفس الوقت؟! إنها لمن المتناقضات العجيبة.

وإذا كان لا بد من هذه البرامج في حياتك -أخي المسلم- ووصلتَ إلى قناعة أنه لا يمكنك الاستغناء عنها وهي في حياتك بمثابة الهواء والماء كما هو حال البعض هدانا الله وإياهم وعافاهم فلا أقلّ من أن تتركه في رمضان لكي لا تجرح صيامك وتنقص الأجر.

فاتقوا الله أيها الصائمون. يا من ابتلي بمشاهدة هذه المحرمات، إننا نخاطب الإيمان الذي في قلوبكم ونخاطب الصيام الذي تصومون أن تتقوا الله -جل وتعالى- وأن يستحي الواحد منا من ربه فلا يعصيه ويخالفه وهو صائم أو مفطر، ولا يعصيه بنعَمِه التي أنعمها عليه، فهل هذا شكرٌ لله أن بلّغك رمضان حين حال الموت بين البعض وبين بلوغهم رمضان فماتوا قبل رمضان فلم يدركوه؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير