كانت نجد والجزيرة متفرقة في ولايتها فجمعهم الله على إمام واحد وكان الفقر سائد فأغناهم الله وكان الجهل متمكناً فعلمهم الله وكانت العصبية رافعة لوائها فأزالها الله بهذه الدعوة الصالحة التي جمعت القلوب على الخير والهدى والعلم النافع والاتحاد على الكتاب والسنة والأخوة الإيمانية الصادقة القائمة على هذا المنهج العظيم دعوة أصلحت القلوب والبلاد دعوة جلبت الخير والرغد ودعوة بصرت من العمى وهدت من الجهل إذ هي دعوة سارت في منهجها على منهج محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم لم تكن هذه الدعوة من تلقاء الشيخ من فكره ورأيه ولا من كتاب قلده ولكنها دعوة من كتاب وسنة وهو لا يدعي لنفسه العصمة ولكن يدعو من خالفه إلى أن يقول فيما قال أي كلمة ولهذا يخاطب بعض من يناوئه قائلاً: وإني أشهد الله وملائكته ومن حضرني من عباده المؤمنين أنكم لو قلتم في شيء مما قلته أنه مخالف للكتاب والسنة لكنت أول الناس رجوعاً عنه ولكني ولله الحمد على طريق مستقيم ملة إبراهيم حنيفاً وما أنا من المشركين ".
لقد تنوع خصومه في عيبه وفي ذمه وفي القدح في دعوته بأمور عظيمة وشبه باطلة.
أما هذه الدعوة الصالحة فقد قامت على أمور:
على توضيح الدين للأمة وهداية الناس إلى طريق الله المستقيم كانوا يعبدون الأشجار والأحجار ويطوفون بالقبور ويحكم فيهم الكهان والمشعوذون والسحرة والطغاة فأبدل الله ذلك بدين الإسلام بوضوح الشريعة فاعتنقوها عن إيمان وقناعة.
كان الشرك ظاهراً والتوحيد خفياً إلا عند نزر من الناس فجاءت هذه الدعوة لترفع لواء التوحيد لا إله إلا الله لتوضيحها وبيانها وبيان شروطها وأركانها حتى تكون العبادة لله خالصة كان الناس يخضعون للأعراف الجاهلية والقوانين الظالمة فجاءت هذه الدعوة لتقول للناس مرجعكم فيما تنازعتم فيه كتاب الله وسنة رسوله " وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً "
خالفتمونا في أنكم قلتم الأولياء يعظمون وتطلب الشفاعة منهم وإلى غير ذلك. ونحن نقول أولياء الله حقاً هم المتقون والشفاعة ملك لله لا تطلب من غيره وإنما تطلب منه جل وعلا " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه قل لله الشفاعة جميعاً "
تنازعتم في أعراف الجاهلية وأحكامها الباطلة ونحن نقول ردو التنازع إلى الكتاب والسنة ليحكم فيكم كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم
دعوة جاءت لتقول للناس أيها الناس اتبعوا الكتاب والسنة ودعوا التعصب الباطل الذي حقيقته قبول الآراء بلا دليل والجمود على آراء الناس بلا حجة فكتاب الله واضح المعالم وسنة رسول الله بينة فاعملوا بها ودعوا التعصب للمشائخ وأرباب الطرق وسيروا على المنهج القويم.
جاءت هذه الدعوة لتقول للناس الاجتهاد لم يغلق بابه وكل مسلم يجتهد في البحث عن الحق من مصادره الأساسية وأما أن نتمسك بعادة وتقليد لا أساس لها فذاك عين الباطل.
جاءت هذه الدعوة لتقول للناس انظروا إلى ما دل الكتاب والسنة عليه وما أجمع عليه سلف الأمة فإن الله يقول:" ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا "
فنحن ندعوكم إلى ما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين أجمعوا على أن العبادة بكل أنواعها حق لله أجمعوا على أن من ذبح أو دعا غير الله فإنه بهذا قد أتى كفراً وضلالاً أجمعوا على وجوب اتباع الرسول والإيمان به وتحكيم سنته وتقديمها على كل الآراء والأقوال.
أجمعوا على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف أجمعوا على أن مرجع الناس الكتاب والسنة ليس لهم مرجع سواه.
جاءت هذه الدعوة لتقول لهم أيضاً يا أيها الناس دعوا تعظيم أرباب الطرق وعظموا الرسول واتباع الرسول عظموا رسول الله بأي شيء باتباع سنته بتحكيم شريعته بطاعة الله " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "
¥