[فن الإلقاء ودلالاته من الكتاب والسنة]
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[22 - 12 - 07, 03:16 م]ـ
فن الإلقاء المؤثر ودلالاته من الكتاب والسنة
د/ محمد فهاد الدوسري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}. أما بعدفإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. إن مما يلفت الانتباه هذه الأيام - ولله الحمد والمنة - هو كثرة الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وتنوع أساليبهم في الدعوة إليه، إلا أن إلقاء المحاضرات والدروس والخطب والكلمات يبقى من أكثر الأساليب استخداما. ولقد لمست حاجة هؤلاء الدعاة إلى الإلمام بفن الإلقاء، وطرقه، وأساليبه، ليكون إلقاؤهم أكثر جاذبية، وتكون كلماتهم أوقع في القلوب، فتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. لذا فقد أحببت أن أساهم بمحاولة متواضعة لسد جزء من هذه الحاجة، وقد وفقني الله تعالى لإعداد هذه الرسالة المقتضبة جدا، لتكون نواة لعمل آخر يكون أكثر إسهابا وتفصيلا. فما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان، والله أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
تمهيدتعريف الإلقاء وأنواعه:
تعتبر كل محادثة بين اثنين فأكثر، نوع من أنواع الإلقاء. ولقد صنف الإلقاء إلى ثلاثة أنواع:
ا- فردي، أي تتحدث مع شخص واحد فقط.
2 - لمجموعة صغيرة كما هو الحال في الدروس المنهجية في المدارس والمساجد ونحوه.
3 - لمجموعة كبيرة كما هو الحال في الخطب والمحاضرات العامة ونحوها.
ولعل ما يهمنا في هذه الرسالة هو النوع الثاني و الثالث، لكونهما يمثلان جل مجالات الإلقاء المنظم، ولأن القصور غالبا ما يقع فيهما دون سواهما.
مجالات الإلقاءإن مجالات الإلقاء كثيرة جدا ويصعب حصرها. ولعل من أبرز أمثلتها: خطبة الجمعة، والدروس المنهجية سواء في المدارس أو في المساجد، والمحاضرات العامة على تنوع موضوعاتها، والمواعظ، والمناسبات العامة، والاحتفالات، والمؤتمرات، والبرامج الإذاعية والتلفازية وغيرها.
عناصر الإلقاءكل عملية إلقاء لابد لها من ستة عناصر أو أركان، ينبغي مراعاتها إذا ما أريد لها النجاح. وهذه العناصر هي:-
1 - المصدر: وهو الملقي، فلابد أن يلم بقواعد الإلقاء ليكون إلقاؤه مؤثرا.
2 - المستقبِل: وهو المستمع، فلابد من التعرف على صفاته الشخصية كعمره، ومستواه العلمي، ومستواه المعيشي، وعاداته وتقاليده وغيرها، وذلك لاختيار ما يناسبه من المواضيع، ومن طرق، ووسائل، وأساليب الإلقاء.
3 - الرسالة: وهي الموضوع، فلابد من إتقان تحضيره ومراعاة كونه مناسبا للمستمعين وضمن دائرة اهتماماتهم.
4 - القناة: وهي وسائل وأساليب الإلقاء، وأعني بها الطبق الذي سيقدم به الإلقاء. فقد يكون عن طريق إلقاء محاضرة من جانب واحد فقط، وقد يكون على شكل حلقة نقاش يشارك فيها المستمعون بآرائهم ومقترحاتهم وأسئلتهم. وقد تستخدم فيه السبورة أو عارضة الشرائح أو الشفافيات أو الفيديو أو غيرها، وذلك لضمان فاعلية الإلقاء واستفادة المستمعين.
5 - استجابة الجمهور: وأعني بها مدى استفادة الجمهور من الموضوع الذي ألقي عليهم. إذ إن العناصر السابقة مهما كان الاهتمام بها ومهما روعيت فإنه لا يكون لها أدنى فائدة إذا لم ينتج عنها استفادة المستمعين. لذا كان لابد من التأكد من استجابة الجمهور، وذلك عن طريق فتح المجال لأسئلتهم وإلقاء الأسئلة عليهم، واستقبال أجوبتهم، أو عن طريق الأسئلة المكتوبة كالاختبار في نهاية الدرس أو بعد مجموعة من الدروس أو المحاضرات ونحو ذلك.
¥