تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - المؤثرات الخارجية: كضيق المكان، وحرارة الجو، وضعف الإضاءة، وكثرة الضوضاء الخارجية ونحوه. فلو أن جميع العناصر السابقة قد روعيت بدقة إلا أن مكان الدرس أو المحاضرة كان شديد الحرارة لتعطل أجهزة التكييف مثلا، فإن المتوقع هو عدم استفادة المستمعين. لذا كان من المهم جدا التأكد من عدم وجود أي مؤثرات خارجية تؤثر سلبا على عملية الإلقاء.

وسنعرض في هذه الرسالة للعنصر الأول بشيء من التفصيل، و لبقية العناصر بشكل مجمل.

أهداف الإلقاء: لابد لكل عمل من هدف، وإلا كان هذا العمل فاشلا، يتخبط فيه صاحبه يمنة ويسرة ولا يصل إلى شيء. ولا بد لهذا الهدف أن يكون واضحا، ويمكن تحقيقه. وبشكل عام فإن أهداف الإلقاء لا تخرج عن هذه الأهداف العامة التالية:-

1 - زيادة العلم والمعرفة: مثال ذلك أن تلقي محاضرة للتعريف ببلد معين أو إنسان معين أو مبدأ معين أو نحو ذلك.

2 - تعزيز وجهات النظر السليمة: مثال ذلك أن تلقي محاضرة على جمع من المسلمين المصلين عن فضائل الصلاة لتزيدهم محبة للصلاة وتمسكا بها.

3 - تغيير وجهات النظر الخاطئة: مثال ذلك أن تلقي محاضرة على جمع من الناس يعتقدون بجواز تطبيق القوانين الوضعية في ديار الإسلام لإقناعهم بعدم جواز ذلك.

4 - تعزيز السلوك العملي السليم: مثال ذلك أن تلقي محاضرة على جمع من المحافظين على صلاة الجماعة، عن فضل المحافظة عليها لتعزز فيهم هذا المسلك.

5 - تغيير السلوك العملي الخاطئ وتبني السلوك السليم: مثال ذلك أن تلقي محاضرة على جمع من المدخنين، عن حرمة التدخين وأضراره، ليكفوا عنه.

والحقيقة أنه بالرغم من أهمية جميع الأهداف المذكورة إلا أن الهدف الأخير يعتبر من أهمها ومن أصعبها تحقيقا، ذلك لأنه يتطلب ترك ما اعتاده الإنسان لزمن طويل، وما يكون قد ورثه عن آبائه وأجداده فيعز عليه تركه، كما أن السلوك الخاطئ غالبا ما يكون موافقا للهوى والشهوة وفي تغييره وتبني السلوك السليم مشقة وتبعات ثقيلة، ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال:

(حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره) [صحيح الجامع مجلد 3 - 4 رقم (3142)].

لذا فسوف نتحدث في الفصل القادم عن مراحل التغيير، التي غالبا ما يتنقل فيها كل من أراد أن يغير سلوكا خاطئا إلى آخر سليم.

مراحل التغييرإن تغيير السلوك الخاطئ إلى آخر صحيح لا يمكن أن يتحقق إلا إذا شاء الله ذلك وأراده حيث يقول سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص 56].

ويقول في موضع آخر على لسان نبيه نوح عليه السلام: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [هود 34]. وإن هذا التغيير لا يأتي في الغالب فجأة بدون مقدمات، ولا دفعة واحدة بدون تدرج. بل لابد للإنسان من الانتقال عبر عدة مراحل حتى يبلغ حد التغيير. لذا كان لزاما على الملقي أن يراعي جميع هذه المراحل قبل إلقائه وأثنائه وبعده. وهذه المراحل غالبا ما تكون مرتبة على النحو التالي:-

1 - العلم والإدراك: إن أول مرحلة وأهم مرحلة من مراحل التغيير هي مرحلة العلم والإدراك. فإن الإنسان عدو ما يجهل، ومن أراد أن يجيد صنعة فلابد أن يتعلمها، وإلا ذهب يتخبط فلا يهتدي إلى شيء. لذا فإنه من أهم واجبات الداعية إلى الله سبحانه، هو تعليم الناس العلم النافع الذي يثمر بإذن الله عملا صالحا. يقول تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} [البقرة 129]، ويقول سبحانه: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة 2]، فإن الله قد بعث رسوله إلى الناس تاليا لآياته عليهم، مبلغا إياهم ما بعثه الله به من الهدى، ومعلما إياهم العلم الإلهي النافع. وبعد ذلك هم يختارون إما الاتباع وإما الإعراض والامتناع. ويقول جل من قائل في موضع آخر: {بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} [الأنبياء 24]، أي أنهم لو علموا الحق لكان أحرى بهم أن يتبعوه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير