[محاضرة للشيخ بندر العتيبي (العشر الأواخر)]
ـ[الاستاذ]ــــــــ[30 - 08 - 10, 11:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد
لقد أظلتنا أيام عظيمة وساعات قليلة إنها أيام العشر الأواخر من رمضان وهي بداية نهاية الشهر العظيم ولها مزية على باقي ايام الشهر ومن مزاياها وخصائصها اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيها فوق ما كان يجتهد في غيرها من أيام الشهر كما روت عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)
ثانيا: كان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل فيها كما قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد المئزر)
ومن مبالغته عليه الصلاة والسلام في الاجتهاد أنه كان يشد مئزره يعني أنه يعتزل النساء اشتغالا بالعبادة وتفرغا لها فيجب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في طلب الخيرات في الأوقات الفضليات مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فاحرص أخي المسلم على التفرغ للعبادة ولا تفوتنك هذه الأيام والليالي القلائل فإن فيها أجرا عظيما وتحر ليلة القدر واجتهد في الطاعة والعبادة وتعرض لنفحات الرب الكريم الجواد المتفضل وأكثر من الدعاء والتضرع
قال ابن رجب رحمه الله (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر)
منها إحياء الليل كله أومعظمه والإعتكاف التماسا لليلة القدر قال سفيان الثوري رحمه الله (أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك)
هناك في حياة الأمم والشعوب أحداث خالدة وأيام مجيدة تحمل في طياتها ما يفرح القلوب ويبهج النفوس ولقد شرفت هذه الأمة بأعظم الأحداث وأكمل الأيام وأتم الليالي ومما أنعم به الله عز وجل على هذه الأمة ليلة وصفها الله تعالى بأنها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ووصفها بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم (أي يكتب فيها من أم الكتاب ما يكون في سنتها من موت وحياة ورزق ومطر وعز وذل وكل ما أراده الله عز وجل في تلك السنة قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم)
وقال تعالى عن هذه الليلة العظيمة (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدرخير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر)
ولهذه الليلة فضائل ومزايا منها:
أولا: أن الله أنزل فيها القران الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدارين
ثانيا: تعظيم الله عز وجل لها بقوله (وما أدراك ما ليلة القدر) وهذا استفهام تفخيم وكيف لا يعظم المؤمن شأن ليلة عظمها أعظم العظماء وهو الله الحق تبارك وتعالى
ثالثا: أن هذه الليلة خير من ألف شهر أي خير مما يزيد على ثلاث وثمانين سنة وعن مجاهد قال: صيامها وقيامها أفضل من صيام ألف شهر وقيامه ليس فيه ليلة القدر
رابعا: تتنزل الملائكة فيها والملائكة لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة قال صلى الله عليه وسلم (وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى)
خامسا: أنها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل في ليلة يقبل الله فيها التوبة من كل تائب
سادسا: أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة ومن فضائل ليلة القدر ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر ومن حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم) لقد كان رسولكم يجتهد في العشر الأواخر جميعا ويعتكف فيها التماسا لتلك الليلة
فيا من ضاع عمره .. استدرك ما فاتك في ليلة القدر فإنها تحسب بالعمر وهذه الليلة العظيمة يستحب تحريها في العشر الأواخر جميعا
¥