وهذا يعني أنه لابد من اختيار الأرض الخصبة التي تتقبل البذرة وتنبت بإذن ربها، كما أنه لابد من المتابعة والسقي المستمر والصبر على ذلك مهما طال الزمن، وإلا قد تجدب الأرض وتموت البذرة ولا تثمر الجهود.
15 - الرفق والرحمة والخلق الحسن: يقول الله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}، ويقول: {وإنك لعلى خلق عظيم}، ويقول سبحانه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) [رواه مسلم].
وعندما بال الأعرابي في المسجد لم يزجره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعنفه وإنما قال له: (إنما جعل المسجد للصلاة وذكر الله ولا يصلح لمثل فعلك)، وعندما عطس رجل في الصف والصحابة يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاوية بن الحكم رضي الله عنه: يرحمك الله، بصوت عال، فرموه الصحابة بأبصارهم فقال معاوية: واثكل أمياه، فأخذوا يضربون على أفخاذهم ليسكتوه، وعندما سلم الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاته، لم ينهره ولم يعنفه وإنما قال له: (إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس هذا إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) [صحيح سنن أبي داود رقم الحديث 823 المجلد الأول صفحه 175].
16 - كن قياديا: أحسِن السيطرة على المستمعين لكيلا يفلت منك زمام المحاضرة. فقد يوجد بينهم من يثير الشغب أو من يحب الضحك والمزاح أو من يهوى إحراج المحاضرين.
ولعله يحضرني في هذا المقام قصة طريفة لأحد الدعاة عندما كان يحاضر في جمع من النساء عن تعدد الزوجات في الإسلام، وأفاض في الحديث بموضوعية وإتقان واستيعاب، واستعان بالأرقام والإحصاءات، وأورد الحجج العقلية والنقلية لإثبات فوائد تعدد الزوجات، إلا أن عددا من الحاضرات لم يقتنعن وأخذن في اللجاج والجدل العقيم، فرأى المحاضر أن يسكتهن بطريقة أخرى. فقال لهن: في الحقيقة أن المسئول الحقيقي عن تعدد الزوجات هو المرأة لا الرجل. فلما استغربن ذلك وأنكرن عليه قال لهن: لو أن كل امرأة رفضت أن تكون زوجة ثانية لرجل لما كان هناك تعدد زوجات.
ثانيا:- المواصفات الكلامية:- 1 - معدل سرعة الكلام: لا يكن كلامك سريعا لا يفهم ولا بطيئاً فيمل، وإنما ابتغ بين ذلك سبيلا. عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بيِّنٍ فَصل، يحفظه من جلس إليه) [مختصر الشمائل المحمدية رقم الحديث 191 صفحه 119].
وثبت عن أم سلمه قالت: (كان النبي يقطع قراءته يقول {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف ثم يقول {الرحمن الرحيم} ثم يقف وكان يقرأ {مالك يوم الدين} …….الخ الحديث) [الشمائل المحمدية برقم 720 صفحه 166].
2 - التكرار للمعلومة المهمة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا، لتعقل عنه) [الشمائل المحمدية برقم 192 صفحه 120].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل للأعقاب من النار -مرتين أو ثلاثا-) [صحيح الجامع برقم 7009 مجلد 5 - 6].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أحدثكم بأكبر الكبائر (ثلاثا)؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئا فقال: وشهادة الزور. قال: فما زال يقولها حتى قلنا ليته سكت) [مختصر الشمائل المحمدية للألباني رقم 104 صفحه 74].
3 - السكتة الخفيفة قبل المعلومة المهمة: عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: (خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقون ربكم ... الخ الحديث) [إرواء الغليل رقم 10 صفحه 43].
¥