[عياض والجوهرة رأس الملك .. عياض الذي يتلذذ بإصبع الملك]
ـ[صالح الرويلي]ــــــــ[16 - 09 - 10, 05:53 م]ـ
كان أحد الملوك يتنقل في مملكته يستعرضها، وأثناء تجواله التقى مع رجل فقير - اسمه عياض - تكلم معه فأعجبه منطقه وفكره، فقال لحاشيته أريد هذا الرجل في قصري.
فنقل الرجل إلى قصر الملك، وألبس أجمل الثياب.
وبدأ إعجاب الملك بآراء وطريقة تفكيرعياض يزداد يوماً بعد يوم، فلاحظ وزراء الملك ذلك، وبدأ الغيظ يأكلهم.
ولكن صُدموا واغتاظوا حين اجتمعوا مع الملك للتشاور في أمر المملكة، وإذ بهم يجدوا عياض يجلس بجانب الملك، وازداد غيظهم أكثر حين بدأ الملك بمشاورة الوزراء فبعد كل أمريتشاورون فيه يسأل الملك هذا الرجل الفقير الذي جاء به من الشارع - عياض - عن رأيه، ثم يأخذ الملك برأي عياض ويضرب بآرائهم عرض الحائط، فسقط في أيديهم وبدأوا يتشاورون فيما بينهم بكيفية التخلص من عياض.
وبعد أن راقب الوزراء عياض، وجدوه كل يوم يدخل غرفته في الليل ويقفل باب الغرفة، فقالوا للملك إن هذا الرجل الذي جئت به من الشارع يدخل كل يوم غرفته ليحتال كيف يتخلص منك.
فقال الملك هذا أمر سهل التحقق منه، سنراقبه مراقبة دقيقة، حتى نعرف ماذا يفعل حين يقفل على نفسه باب غرفته في الليل. وعندما راقبه الملك والوزراء، وجدوه عندما يقفل الباب يخرج ملابسه التي جاء بها من الشارع من الدولاب، ويقف أمام المرآة ويقول لنفسه: يا عياض انظر الثياب التي تلبسها الآن والثياب التي كنت تلبسها، فالملك أنعم عليك بكل هذا فلا تفكر بخيانته، ولتقم بشكره وخدمته بكل ما تستطيع، وإلا ستعود إلى ما كنت عليه.
انكشف أمرالوزراء أمام الملك فلامهم الملك وحذرهم من الوقوع في عياض مرة أخرى.
ثم دخل الوزراء على الملك مرة فوجدوا الملك يمسك بطبق وعياض يجلس بجانبه، ويمد أصبعه في الطبق ويعطيه لعياض، فيلحس عياض أصبع الملك ويقول: آآآآآآه ما ألذه!.
تعجب الوزراء من هذا المنظر وبدأت الغيرة من عياض تأكلهم، فقالوا للملك: أيها الملك إنا نخدم لديك منذ زمن بعيد، ولم تفعل هذا معنا، فلماذا تفعل هذا مع عياض الذي جئت به منذ قريب من الشارع.
فقال الملك: لا تحزنوا، قفوا صفاً أمامي وسوف أطعمكم كما أطعمت عياض، فوقفوا أمامه وبدأوا يلحسون أصبع الملك الذي يغمسه في ذلك الطبق، وكلما لحس أحد الوزارء أصبع الملك يخرج منديلاً من جيبه ويبصق ما لحسه من أصبع الملك بشدة، ويقولون ما هذا الذي تطعمنا، وكيف يستسيغ عياض هذا الطعم، إنه شديد المرارة، ولا يمكن لإنسان أن يبلعه، وكيف يتلذذ به ويقول: آآآآآآآآه ما ألذه.
فقال الملك فلنسأل عياض عن ذلك.
فسأل الوزراء عياض، فرد: إنني حين أطعم ما في أصبع الملك لاألتفت إلى الطعم، ولكني أنظر إلى اليد التي تطعمني وهي يد الملك، فأي شيء يطعمنيه الملك فهو لذيذ.
فسقط في أيدي الوزراء مرة أخرى وازدادوا غيظاً من عياض، ولم يدروا كيف يتخلصون منه.
ولما لاحظ الملك ذلك قال لهم إني سأعطيكم دليلاً آخر على شدة تعلقي بعياض.
ثم أمر الملك الحاشية بأن يجلبوا له أكبر وأثمن جوهرة موجودة في خزانة قصره، وبمطرقة.
ثم بدأ يأمر الوزراء واحداً تلو الآخر بأخذ المطرقة وكسر تلك الجوهرة، والوزراء واحد تلو الآخر يعتذر عن كسرها ويقول: كيف أكسر أكبرجوهرة وأثمنها في القصر إنها قد تفيد المملكة، وقد .... وقد ....
فلما انتهى الوزراء جميعاً ولم يستجيبوا لأمر الملك، أمر الملك عياض أن يأخذ المطرقة ويكسرالجوهرة، فأخذ المطرقة وكسر الجوهرة ....
فصاح الوزراء: هذا الرجل غبي، هذا الرجل لا يفهم ولا يقدر الأشياء، كيف يكسر أعظم جوهرة في القصر بتلك البساطة والسرعة، لابد أنه مجنون!!! ألم نقل لك أيها الملك أن هذا الرجل لا يصلح أن يكون عندك في القصربهذه المنزلة.
فالتفت الملك إلى عياض وسأله، لماذا كسرت الجوهرة ياعياض.
فقال: أيها الملك الكريم إنني مستعد أن أكسر أي شيء تطلب مني أكسره مهما كان، ولا أكسر أمرك الذي أمرتني به، فأمرك أهم عندي من أي شيء في الدنيا.
فسقط في أيدي الوزراء مرة أخرى، وازداد غيظهم لعياض، فكلما حاولوا التخلص منه غلبهم بحجته.
وأخيراً ولما وجد الملك أن الوزراء لا زالوا مغتاظين من عياض، قال لهم: الآن سوف أجري آخر اختبار لكم ولعياض، ومن سينجح في هذا الاختبار سيكون هو المقرب عندي.
¥