فسألوه: ما هذا الاختبار أيها الملك، سننجح فيه وسيفشل عياض بالتأكيد.
فقال الملك: أمامكم عشر دقائق، وخلال هذه العشرة دقائق أي واحد يضع يده عليه في هذا القصر يجمعه، وبعدها تجتمعون عندي وسوف أبلغكم بالفائز.
ولم يصدق الوزراء ما قال الملك، فهم يعرفون كل شيء في القصر، وهم يعلمون أن عياض لايعرف قيمة الأشياء، فهم سوف يفوزون بالتأكيد، فركض الوزراء وبدأوا بتجميع ما خف ثقله وغلا ثمنه، حتى انتهت الدقائق العشر التي حدد الملك. فناداهم الملك ليأتوا ماوقعت عليه أيديهم، وكل وزير فرح بما عنده، ولكنهم صعقوا حين رأوا عياض واقف بجانب الملك واضع يده على كتف الملك.
وضحكوا جميعاً منه وقالوا: أيها الملك ألم نقل لك إنه لا يستحق أن يكون في هذا القصر، انظر إليه إنه لم يجمع شيء من القصر، فسأل الملك عياض: لماذا لم تجمع شيء من القصر.
فرد عياض: أيها الملك أنت قلت أن لأي منا مايضع يده عليه خلال العشر دقائق، وأنا وضعت يدي عليك، فأنا لا أريدغيرك.
وهنا كانت القاضية بالنسبة للوزراء، فقد تبين لهم أنهم خسروا مكانتهم عندالملك وأن عياض قد غلبهم ببعد نظره.
أعرفتم أيها الأحبة مغزى هذه القصة؟!!!
إنها أيها الأحبة مثال، ولله المثل الأعلى، عن ملك الملوك جل جلاله، وعبيده الذين خلقهم الله.
فنحن جميعاً كنا لا شيء وخلقنا الله سبحانه وتعالى.
فالاختبار الأول: الذي أُجري لعياض، كان حين وشى به الوزراء بأنه يخطط لشيء ضد الملك، وكان عياض مخلصاً للملك.
فهذا حالنا مع الله فلننظر ماأعطانا الله من النعم فكل شيء في أيدينا هو نعمة وعطية من الله جل جلاله، فلنتق الله وإلا فإنه سبحانه وتعالى سيسلبنا ذلك كله إذا لم نشكره.
(وإذ تأذن ربكم لإن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).
والاختبار الثاني: حين صُدم الوزراء وهم يرون الملك يطعم عياض.
فيجب إذا داهمتنا الشدائد أن لا نبتئس ونمتعض منها، ولننظر أنها جاءت اختباراً من الله لنا، فلا ننظر إلى الشدائد ولكن لننظر إلى من أرسلها لنا اختباراً، فعندها سنتلذذ حتى بالشدائد.
والاختبار الثالث: عندما طلب الملك من عياض كسر أثمن جوهرة.
فإن أمر الله أثمن من كل الوجود، فلا نكسر أوامر الله حين تأتينا ونحافظ على أوامر الدنيا، ولنكن كعياض حين كسر أغلى جوهرة ولم يكسر أمر الملك، فلا شيءأغلى من أوامر الله.
والاختبار الرابع: حين طلب الملك من الوزراء وعياض أن يأخذوا كل شيء يضعوا يدهم عليه خلال عشر دقائق.
فمن وجد الله وجد كل شيء، ومن فقد الله فماذا وجد؟!!!.
أما الدنيا فهي بالنسبة إلى يوم القيامة أقل من عشردقائق، فإذا حسبنا يوم القيامة ويساوي 50 ألف سنة بالنسبة إلى ما يعيشه الإنسان في الدنيا 60 - 70 سنة فهي تساوي حوالي 3.5 دقائق من يوم القيامة.