قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ). رواه البخاري.
أما فضلها: فقد قال فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ). رواه البخاري.
وهل أعظم من أن تكون أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإطلاق، فعن عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أَبُوهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا). رواه البخاري.
ومن فضائلها أن دُفن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحباه -رضي الله عنهما- في بيتها، فإنها تقول:
(رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا، قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا). رواه الإمام مالك في الموطأ.
ولمكانها في قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- كان الناس يحبون أن يهدوا هداياهم إليه وهو في يومها، فقد روت عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، ... [فلما طلب أم سلمة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يهدى إليه في كل أيامه] قَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّهُ مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا). رواه الترمذي وحسّنه.
بل بلغها النبي -صلى الله عليه وسلم- سلام جبريل عليها، فقد روت عَائِشَة قَالَتْ: (أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ فَقُمْتُ فَأَجَفْتُ الْبَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَلَمَّا رُفِّهَ عَنْهُ قَالَ لِي: يَا عَائِشَةُ إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ). رواه النسائي.
لقد حظيت عائشة بملاعبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، فقد روت عَائِشَةُ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِالْحِرَابِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِأَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ مِنْ بَيْنِ أُذُنِهِ وَعَاتِقِهِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ). رواه أحمد وإسناده صحيح.
ولقد حدّثت عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مداعبته لها يتعمّد شرب الماء من الموضع الذي تشرب منه، فقد روت ذلك عائشة ـ رضي الله عنهاـ فقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِينِي الْعَرْقَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، وَيُعْطِينِي الْإِنَاءَ فَأَشْرَبُ ثُمَّ يَأْخُذُهُ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ). رواه أحمد وإسناده صحيح.
بل إنه لا يصبر عن إظهار حبّه لها ولو كان في أسفاره وغزواته، فها هي ذي تحدث فتقول ـ رضي الله عنها ـ: (خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: تَقَدَّمُوا، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: تَقَدَّمُوا، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ هَذِهِ بِتِلْكَ). رواه أحمد،
¥