تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعناها: لا تضيع دنانيرك، واشتري بهم أغراض القراءة أي الدراسة النظامية!

وكثيرا ما كان أبي يقول حفظه الباري عند رؤية مثل تلك الكتب الصغيرة والمطويات: اشري قش واكسي روحك! .. واخطيك من هذا الكتب راهم يضيعوك على قرايتك!

وهذا كله في البداية؟! وما إن حبب الله إلي الكتاب وعزمت على اقتناء الكتب بمنهجية دون الاخلال بنوع من العلوم عن آخر .. وعلى قلة ذات اليد .. ولطالم كانت همسات شيخنا الشيخ صالح آل الشيخ ترن في اذني من شريطه (طالب العلم والكتب) .. واحتساب الأجر في شرائها .. وكذا نية شراء طالب العلم للكتب وأنها صدقة جاريةوما إلى ذلك .. فّاذا بي بعد سماع تلك الكلمات النيرات وكأنني نشطت من عقال! .. فتجشمت عناء الشراء .. بالاقتراض تارة! .. وبترك أغراض أراها دون أهمية الكتاب تارة أخرى .. بترك رفيع اللباس والجيّد من الطعام وكان مالي أو مصروفي الجامعي إن صح التعبير كافي لذلك .. ولكني أشتري بجل المبلغ كتب سوى قيمة تنقلات الإياب ومصروف الأكل والشرب الجامعي وهو في جمعات الجزائر يقدر بـ: (ربع وعشرين دورو للتيكي؛ أي: للوجبة!) .. وهذا طبعا في الجامعة في غيبة الأهل! .. وكنت في تلك الفترة لا أرد عن الكتب يد لامس! .. ولكن كان بي من هم نقلها في آخر العام والوساوس! .. والتفكر في ادخالها البيت من الهواجس! .. ما كان بي! وكنت طالما أتفكر في حيلة لذلك! وغذا بي أجرب في عطلة قبل نهاية الدراسة أن أدخل كمية منها صغيرة .. فجربت حظي وإذ بي بعد السلام تقول لي أختي الصغيرة بارك الله فيها وهي حاملة لحقيبتي: (الكابة راها ثقيلة تقول راه فيها الحديد!) فأسرها عبد الله في نفسه! فإذا بأمي-حفظه الله- تقول: (باينة شريت الكتب ... كنت تكسي روحك ومن بعد لا شريت الكتب تجي عليك! .. هاك اللي يقراو في الجامعة!) وكنت يومها ألبس قميص إلى عضلة الساق! وحالي شعث! لأنني لم أكن أعتبر كثيرا هية اللباس وكان عندي اندفاع في بداية الاستقامة ... مرت الأيام هكذا .. حتى أخبرت الوالدة أبي حفظهما الله فأنقص مصاريف الجامعة وقال لي: (دراهمك راهم يروحو في الكتب .. وما كسيتش حتى روحك ... سمى ماراكش محتاج قاع هذ الدراهم!) فكانت كلماته لي بمثابة الصاعقة! لكن سرعان ما فرج الله وإذا بجدتي-غفر الله لها وختم لها بالحسنى- تتدخل دخولا سريعا وكانت تميل إلى التصوف فقالت لهم (الطُلبة والصالحين دايمن هاك .. خلوه يقرا .. سألتني واش كاين في الكتب؟!) فكنت أخبرها لكن أركز على الصالحين -عفا الله عني-قلت لها الشيخ نتاع هذ الكتاب (وهو الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله في شرحه على الواسطية) ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني وقال هو عالم وبمجرد ذكري له قالت: (خلوا ولدي ترانكيل! ... ) ودافعت عني دفاعا مستميتا وقالت لي اشتري عليك هذا الكتاب! فعرف ت أنها تريد أن تتبرك أو شيء من هذا ... فوجهتها بما من الله علي في ذلك الوقت .. وقلت لها بالدارجة: (كاين كتاب مليح .. نشريهلك ونعلمك كيفاه تصلي وتصومي وتتوضي .. ) فأعطتني مبلغا من المال فاشتريت كتاب (فقه السنة) و وغيره من الكتب .. وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرتي وجهادي مع شراء الكتاب ..

ولكن! ... كيف أدخل المجموعة الكبيرة من كتبي .. و التي في غرفتي بحي الجامعة .. دون تلك الكلمات النارية! .. فكرت ثم فكرت فإذا بي تخطر خاطرة في بالي وفكرة وهي: إعارة كل أخ كتب من كتبي ممن هو قاطن ببلدي هذ أولا .. ثم بمجرد مجيئه إلى البلاد أذهب فأحظره .. فإذا سئلت قلت: (هذا كتاب جبته من عند أخ .. ) ولم أكذب نعم أتيت به من عند أخ! .. وإذا بالحيلة تنطلي على الوالد وزينتها بشراء ملابس لي جديدة بالدين طبعا! حتى لا أنكشف! .. وتم ما أردت ونجحت الخطة والحمد لله .. وبعد التخرج! .. كنت قد كونت قاعدة في البيت من إخوة وجدة فلم يجد أبواي سوى الرضوخ لأمر الواقع وكونت مكتبة صغيرة على قدي في ذلك الوقت ...

أما السنوات الذهبية مع الكتاب فهي إبان فترة الزواج .. فكنت أتردد على المعارض الدولية والمكتبات .. وكان زوجتي تعينني على شراء الكتاب .. ومن بيع إعاناتها حفظه الباري بيعها لخاتم ذهب لشراء مجموع فتاوى شيخ الإسلام وإكمال تسديد الباقي منه .. وهكذا رغم تذمرها في بعض الأحيان عند وجود ضائقة مالية .. وكانت تقول: (شوي .. كمل اللي عندك ومن بعد شري وحدوخرين .. ) بمعنى: أكمل دراسة الذي عندك ثم اشتري كتب أخرى، وكنت أجيبها: هناك كتب للجرد وهناك كتب للبحث، ليس شرط أن أكمل كل الكتب! فكانت تقتنع! .. وبخاصة إذا أرادت بحث مسألة فغالبا ما تجدها في المكتبة! .. وكان أصهاري وأقاربي إذا رأو تلك الكتب يقول أحدهم: (واش يدير بهاذ الكتب! .. قراهم زعما؟! .. ) وكأنهم محمولة فوق أظهرهم! .. وقالت زوجت عمي للزوجة: (ما يبيعليش راجلك غيطاج من نتاع المكتبة!) بمعنى: ألا يبيع لي زوجك رف من رفوف المكتبة؟ لأن جميل فيه زجاج؟ .. فقالت لها زوجتي: (لو كان يسمع بيك بلي ديريهم للماعين .. يقول لعمه يعاود الزواج!) فتبسمت من قول زوجتي ضاحكا! لأنها تعرفني أنني من أنصار التعدد وعلى الملأ، ومن المحرضين إليه!

وما زالت مكتبتي تنموا يوما بعد يوم .. وإنما جمع الكتب عبر الأيام والليالي ..

والنية في توسيعها منعقدة .. معتمدا على ربي .. لا آبه لتثبيط مثبط ... ولاتشنيع مشنع .. وأقسم بالله غير حانث أنني في بعض المراة لا أملك قوت العيال وأقترض لشراء كتاب .. فتصبرني زوجتي وتقول: (كيما رانا نديروا الكريدي في الأكل ونخلصوه .. ما عليش إلا درت الكريدي في الكتب .. ربي يفرج!) والله يفرج، وتكون هذه الكلمات من زوجتي الكريمة كالبلسم الشافي على قلبي .. ويقضي الله أمرا كان مفعولا ..

وصدق الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله تعالى غذا قال كما ذكره عنه ابنه في المجموع بما يفيد: من أراد شراء الكتب لا يحصل مالا!

والحمد لله رب العالمين ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير