الى مَنْ سَألَنِي عَنْ مَارية ... فهَذا خَبَرُهَا مِنْ مُخْبِرهَا
ـ[علي سَليم]ــــــــ[24 - 10 - 10, 04:55 م]ـ
الحمد لله الذي وهبني انثى على كِبَر ...
الحمد لله الذي رزقني وردة بعد طول امد ....
الحمد لله الذي متّع اناملي بعد قصرها عن اللمس ...
الحمد لله الذي كحّل عيني بعد طمس البصر ...
الحمد لله ....
فالكبر و الامد و اللمس و البصر مجاز و الاّ فانا ابن الثلاثين ذو لمس نافذ و بصر حادق ...
حملت زوجي و آتت نتاجها و انا في منأى عن هذا كله ....
البداية كانت مؤثرة دونت اسطرا منها في رسالتي (بشروني بجارية فسميتها مارية)
و اخفيت بعضا منها و الان اظهره للملأ .... سافتح الستار قليلا و ما دون الوجه و الكفان سيبقى ظليل الجلباب .......
كان الحمل في غير ميعاده ... كانت اسبابه مبتورة الاوصال .... كان التوكل في اعلى مراتبه ... كان الجسد عليل الاوجاع ...
البداية من حكمة ادركت فضلها بعد حين, من لكمة ايقنت حسها بعد فترة, من ضربة احسست بلذتها بعد مدة ....
حادث سير مؤلم, غيبوبة قصيرة, تأوه خفيف و شديد ....
النتيجة ... صلاة الجالس بفضل صلاة القائم .... لم اعد الحراك ... انها ضربة موجعة و لكن ايقظت مكان وجداني ....
ففي هذا الشهر و مع تلك الموانع و ذاك المصاب كان الحمل ....
كان لقاءا بين زوجين بنية الذرية حيث كان التوكل في اعلى مراتبه ... و الاّ فكيف يُتطب ما عجزنا عنه و نحن اصحاح!!!!
فكانت حكمة الباري ان كاتب هذه السطور بحاجة الى راحة نفسية و اخرى بدنية فكان الحادث المؤلم الموجع ......
ثم اتى وحيّ السماء بالهامه ليتم اللباس بين الزوجين و لتكن نطفة مقدّرة و علقة مقررة و مضغة مكللة بعناية الباري سبحانه في علاه .....
هذه البداية, بداية تمنيتها و اتمناها طلبا للمزيد ... و الاّ فالم المخاض يزول بعد اولى صرخات الرضيع الوليد ...
كنتُ خلال هذه الفترة اشعر انني رائيٍ بحاجة الى معبّر ....
ثم اكتملت عملية الولادة و ما زلت اعيش نفس الشعور!!!
و لامست ابنتي و عشت بين اكنافها طيلة شهر و نيّف و الشعور لم يغادرني حتى اللحظة ... اي و الله
انه شعور الخيال ... انه شعور الحلم .... انه شعور لا استطيع وصفه بتلك الكلمات ....
متى استيقظ؟؟؟ متى ادرك ان الخيال هو حقيقة؟؟؟ متى اشعر ان مرحلة الابوة اعيشها؟؟؟؟
سيزول الشعور تدريجيا و لو احساسي ببدء زواله ما استعطت الكتابة ما انا بصدده ....
اتصلت زوجي قائلة: اليوم يوم الولادة .... طار قلبي و اخذت قدمي اليمنى تشاطر الاخرى للوصول حيث المشفى ...
فكنت اول الزائرين .... اخذت اسأل عن مسمى زوجي و اساؤل نفسي اين هي؟؟؟ في اي غرفة؟؟؟ فكان الكل تحت جواب واحد ....
لا يوجد عندنا بهذا المسمى .... خرجت مسرعا فكنتُ المضيف لضيوف هي زوجي و والدتي و البقية ....
ثم دخلت بهم و معهم و جلسنا حيث غرفة الانتظار ....
بدأت اسمع نبضات قلب ابنتي .... اصبح الملموس مسموعا ....
و مرت ليلة بين الم المخاض و لذة الانتظار و دخلت زوجي غرفة الولادة فكان الطلق هينا لينا بفضل اخوة بعد الله دعو لنا بخلوات الليل .....
مبارك .... جعلها الله من الصالحات .... متّعها الله بحياة طيبة ....
لم احسنَ الردّ, و كدتُ ان امشي خلف طابور المهنئين!!!
و لكن اين المهنأ؟؟؟ انه انا .....
الحقيقة باتت حقيقة و الخيال ظلّ خيالا .....
فسترت و جهي خلف جدران ذاك المكان لترى الدمعة مكان طريقها حيث الوجه و الفم و الذقن ثم الارض ..........
فسمعت صوتا ينادينني تعالى و انظر لى ابنتك ... انه صوت والدة زوجي ... فنظرت من النافذة فكان عمرها عشر دقائق ....
و مكثت اراقبها من دون فتور حتى اصبحت ابنة الساعتين ...
فكانت تتلفت يمنة و يسرى .... تبحث عن شيئ .... الله اكبر
و بينما اراقبها عن قُربٍ و بُعْدٍ معا و اذا برجل غريب يقلبها راسا على عقب و يمسك بذراعيها و ساقيها مسكا شديدا ....
انه الطبيب لدى العامة و الشرير لدى كاتب هذه السطور, انها ابنتي ماذا دهاه ... اتركها, دعها ... كلامات اخاطب بها نفسي ....
فخرج و نادى سائلا من هو والد الفتاة ....
ادركت انني اصبحت والدا .... تلاشى شيئا من الخيال و لكنه سرعان ما عاد!!!!
ابنتك سليمة و لا تشكو من شيئ ..... الحمد لله
انها مارية, مارو, مار ...
كلامات اداعبها بهنّ ... و للداعبة فنّ ... وما زلت اسارق دعابات الاخرين و انسبها لنفسي ....
المعذرة ... قطعت الحديث مع اسماعكم للضرورة ...
انها مارية كانت تنادينني بانينها, فجلست معها برهة و عدت لاكمل ما تبقى من حياتها ...
مارية ليلها نهار و نهارها ليل, فراسها صغير لا شعر فيه للاماطة المسنونة (اميطوا عن الاذى)
و عيناها تحاكي جليسها و انفها كحبة اللؤلؤ ....
و خدها الوردي و فمها ذو بسمة عريضة و عبسة جميلة ...
اجمل حركاتها عندما تزعل و تبتسم ... لا تقل الحديد بعين صاحبه حرير ....
و اقاطعكم مرة اخرى حيث جميلتي ترقد على ذراعي الايسر و تناظر وجهي .... يا ليت شعري لو تدرك انني اكتب عنها ....
فها هي تتاوه تارة و تصرخ اخرى .....
و ها انا عيش اجمل لحظات حياتي و ستكتمل السعادة عندما ارى من مارية الحديث يجري بين ضلوعها و القرآن و علومه مجرى الدم .....
هذه حكاية مارية ابنة الشهر و النصف .... و ستبدي الايام ما كان خافيا ...
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
¥