غسّلت وجنتاي و لحيتي بدموع الفرح!!! و اول المرة امارس دموع الفرح ..... قرأتُ الكثير ان للفرح دموع و لكنني جهلتُ ماهيتة و لّذّته!!!!
فبعدما غسّلت الوجه و استنشقت و تمضممتُ من هذه الدموع فكانت بمثابة وضوء المسلم ...
و الاسلام عوّدنا ان نأتي بالفاظ عقب العبادات فكان اول كلامي نطق به اللسان:
(((لا استحقُّ هذا يا رب .. ما اكرمك خالقي و ما احلمك ... لا استحق غير النار ... )
و عدّت الى داخل المنزل و ظننتُ انّ بريق الموقف و جفاء الدمع ذهبَ باثاره ... فنظرتُ الى المرآة لارى وجها لم اعتاد على مثله ..... فتنكرتْ لي العيون و انكرتها فلم اعد اعرفها و لا الوجه ....
ما زالت آثار دمع الفرح متناثرة و متلاشية!!!!!
فاذّن المؤذن لصلاة العشاء الاخرة ... فانتهزتها فرصة للخلوة مرة اخرى ....
فتغيّر كل شيئ من امام و عند حركاتي و سكناتي .... فوالله شعرت انني في مكان لا اعرفه و حتى الاشخاص من حولي جهلتهم .... فلا سلام و لا كلام .... صليّت و عدتُ الى البيت .....
و انتظرتُ صباح يوم الغد ... ليكون اليوم الاول اعيشه مع عبد الرحمن حيث هو نطفة!!!
و لم اتوقع ان زوجي و باشارة الطبيب يلزمها الرقود شهرا تاما .... انه الحمل غير مستقر ....
و لم يمرّ الاّ ايام قلائل الا و الصاعقة كاصاعقة عاد و ثمود تطرق اذني .... ذهبت الاماني و الامنيات .... ذهب عبد الرحمن ....
و تعانق دمعي بدمعي زوجي ... و صبّرتها في موطن احوج فيه الى من يصبّرني ... و اختليت بنفسي مرة اخرى ....
و شتّان ما بين الخلوتين .... الدمع هو الدمع و الخلوة هي الخلوة و لكن الهدف مغاير ....
و مرت السنوات و اصبحت بمجموعهنّ سبع شداد كسنين يوسف ...
و كرهت حتى نفسي .... و تمكّن الشطان من شخصي ... و توالت عليّ المحن لم اهنأ بعيش فانا بين المرض الجسدي و الاخر الروحي ....
فكانت سبعا لم اذكر بها يوما انني كنت معافا!!! بل الامراض تأتي مزدوجا ..... و تعودت بل كرهت بطبيعتي الذهاب الى الاطباء ....
و حتى عدم اظهار اي مرض امام الناس و من رآني اعتقد انني في صحة جيدة ....
و اكرر لا تلومني فانني ملام!!!! كرهت كلَّ الرُّضع .... و اي امرأة تحمل بين عضديها طفلا فلن تجد المبيت و لا دخول داري ....
و ممّا زاد الطين بلّة ان جميع شقائق زوجي انجبن ... و انين فلذات اكبادهم لا تفتر عن مناداتهم يا ماما .... و يا بابا ....
اصعب كلام نطق به الاطفال ... و من ذاق طعم الحرمان ادرك مراراته!!!
و تناثرت عُقَد حبّات الؤلؤ و اكتمل تناثرها عندما تفوّهت بكلام اللا ارادي: انتِ طالق ....
و مرة اخرى لا تلومنني فانني ملام!!!!
و لم يرد الله الا عودة الامور الى مجاريها الصافية .... و عدنا بفضل الله تعالى ... كاحسن زوج ... كافضل راع .....
و تناسينا الماضي و هفواته و كبواته .... و جددنا العهد مع الله تعالى و قطعنا شوطا كبيرا ... و تولىّ الشيطان بحزبه خاسرا ذليلا ....
و صرتُ اداعب الاطفال و استأنس بقربهم و طارت تلك القيود .... و ابدلنا البشاشة مكان العبوس و المزاح مكان الجلوس ....
و مرت ايامنا و كانت حبلى بما هو سرّ ابيه و الولد سرّ ابيه ....
عاود الحمل مجددا .... و ذهب على غرة من الامل ..... و بكينا فرحا و لم نبك حزنا ....
و هذا هو الرضى و بكاء النبي صلى الله عليه و سلم على ابراهيم هو اكمل و الافضل ....
و لكن من بكى كبكائي بكاء الجزع فلا خير فيه ....
و لم يمض شهرا و نيفا على التسليم بالرضى جاءت البشرى مجددا ....
و قبلها كنتُ الاعبُ عبد الرحمن ... و اناديه ... و اناظره يتعثّر امامي ... فابتسم تارة و احزن اخرى ....
قبّلته كثيرا بين عينيه ... و حملته اكثر على ظهري ... فكيف به عندما يُصبح الخيال واقعا!!!!
و مرت الشهور الاولى و بقيّ الحمل مستقرا .... علمتُ عندها ان الله اراد ان يكافئني ... فيا لله ما اروعك من رب حليم عظيم كريم ....
و بدأ الملك بنفخ الروح فدعوت كثيرا و سألته صالحا ....
و بدأ قلبه ينبض و اناملي تلامس هذا ... انه ابني .... انه املي .... انه حياتي ...
و غمرتني السعادة .... و التحفتُ بها ....
كنتُ انتظره بفارغ الصبر .... و بدأتُ اخطط له اولية طلب العلم .... القرآن اولا ... ثم احاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم ثانيا .... و المتون العلمية و المنثور منها و المنظوم ليكون عالما تقيّا بارعا .....
تجرعتُ العلم متأخرا, و ضاعت عليّ الاوهام, فلا اريد ان يتكرر تاريخي العقيم لعبد الرحمن ....
و جاء الخبر المُحزن من حيث الغاية لا الاصل .... و لطالما قرأتُ متدبرا و معلّما ( ... و اذا بشّر احدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودا و هو كظيم)
انها عائشة .... ابنتي ... لا عبد الرحمن .... فلا تلومنني فانني ملائم!!!!
اعرف فضل الاناث و رعايتهم و القيام بشؤونهم .... و هو اي الفرح بالذكورية كفرح ذكريا بقوله (خفت الموالي من ورائي .... فهب لي من لدنك وليا) (يرثني و يرث من ال يعقوب و اجعله رب رضيا)
فاردفت ذلك قائلا لزوجي: (لا ضير ... ساجعل منها_باذن الله_ رجلا)
و اصبحت ابنتي مارية هو الاسم المتفق عليه, و اخذتُ اتحسسُ مكان تواجدها و الاحقه من مكان الى مكان ... و لم تفتر_حماها الله_ من ركلة و ضربة .... مُوجعة زوجي مُدخلة على قلبي الفرح السرور,,,,
هيّأتُ لها مكانها الخاص .... غرفتها ... سريرها .... مهدها .. .. لُعَبِها .... ك ُتُبها ....
لم يبق الا اياما دون الشهر .... حتى تأتينا بكدّها و سعدها ....
اسألونني عن وزنها؟؟؟ اسألونني عن طولها ... عن طبيعة نومها .... وقت اسيقاظها؟؟؟؟ فقد عرفته و هي في بطن امّها ....
ساترك الاجابة عن هذا و ذاك لها لتخبركم باذن الله .... و اُترجم انينها لكم ....
اسال الله ان يجعلها راعية واعية سالمة .... و ان يرزق كل محروم ... اللهم آمين
¥