و عندما وصلت الى قوله تعالى (افرايتم ما تحرثون) (ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون) فصحت بوجه كل زارع الارض و نهيته عن الزرع و من هؤلاء والدي (حفظه الله) و كان قد اتخذ بقعة صغيرة و شكّلها من مختلف انواع الزرع و حرّمت على نفسي الاكل منها .... و الله انها لمصيبة ... و هذا هو البلاء الذي يحمله تارك الجلوس بين يدي العلماء ...
و زيد في بلائي و شدّد عليّ فترصد لي اعداء الدعوة فمن المدرسة الى مكان عملي و وظيقتي والى مقرّ سباتي و مضجعي ....
و هنا و في هذه اللحظة و بين تلك الازمة نبتت لحية الفطرة و كانت شعيرات هنا و هناك و وقف والدي يتوعّدني بحلقها فعملت بقوله عليه الصلاة و السلام (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)
و ممّا زاد الطين بلّة كثرة القيل و القال من قريب و صديق و كأنهم اجتمعوا نهارا و بيّتوا الامر
-9 -
ليلا" و لسان حالهم (نحن او انت يا علي)
فهذا يوسوس بوساوسه الشريرة و ذاك ينفث بخبثه ليخرج ما اضمرته السريرة و كان والدي-حفظه الله- قد سخّر سمعه لهذه النفوس و قلبه ليعي ارشادها و جوارحه لتعمل بمضمونها ...
فجاء من يغار عليّ من الارهاب و يخاف على عقلي من الضياع ليقول لوالدي (لا تدع ابنك ملازما للقرآن حتى لا يجنّ) و ما شابه هذه الاقوال ...
و الحمد لله قد تخطّيت هذه العقبات و تجاوزت تلك المطبّات و ذلك بفضل رب العباد ...
و بينما كنت اتخبّط ببراكين الجهل و مستنقعات الوحل جاءني من يقول انّ الشيخ الفلاني يريد التعرف اليك ...
فذهبت اليه و دار الحديث بينا و همّه معرفة منهجي و همّي معرفة حزبه و فرقته فقطعت عليه الطريق في بدايته و التفكير عند اعماله و قلت له:
فانا اقرأ كتب شيخ ناصر الالباني ...
فسألني عن الكتب التي قرأتها للشيخ
فذكرت له جلّ ما قرأت و من جملتها (صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم)
ثم عرض نفسه و هدر وقته لولا طاعة ربه و واعدني باول درس ...
فاخذت ابعثر اوراقي و افتح ملفاتي و لسان حالي (ما هو انتماء الشيخ؟)
فسألت زيدا و عمرا و جاء الجواب مطابقا للواقع لولا الطلاق البائن الذي احدثه الشيخ من فترة وجيزة و اقدامه الى منهج سلفنا الصالح ...
نعم كان انتماء الشيخ الى مجموعة حسن البنا-رحمه الله- ....
ثم ترك ذلك و ارتمى في احضان اهل السنة والجماعة -- السلفية الحقة و كان بالنسبة لي نصرا مبينا و فتحا عزيزا" ....
و كنت في هذه الفترة افتي بفتاوى عجيبة ما انزل الله بها من سلطان بل خالفت الكتاب و السنة و أقوال الخلّة و آتاني الشيطان من قبل جهلي ....
حتى اصبح يشار اليّ بالبنان وو يتّهمني الفتيان قبل الشيبان ...
و من هذه الفتاوى التي انطلق بها لساني و بغير سلطان من الله قولي بتحريم مصافحة بعض محارمي كعمتي و جدتي ....
و هذه الفتوة مما زادت الطين بلّة و الازمة تعقدا .... فلا حول و لا قوة الا بالله ...
و بعد فترة رأيت رؤيا صالحة باذن الله تعالى و هي:
بينما كنت اسير على قدمي و اذا افاجأ برجل طبع على الجمال فوجهه كالقمر في ليلة البدر عيناه كالشمس في ليلة القدر ....
رأيته جالسا جلسة متواضعة و بين يديه كتاب الله تعالى الانجيل و على رأسه طرحة بيضاء جمال على جمال و زد على ذلك النور الذي كان يخرج من وجنتيه و جبينه ....
نعم انه عيسى عليه السلام (و الشيطان لا يتمثّل بالانبياء) فصفاته هي صفات عيسى كما هو معلوم في كتب المناقب ...
فنظر اليّ و برق لمعان ساطع من عينيه مع قطرة ماء من خشية الله .... لا اله الا الله
فبادرته سائلا: قل لي .. هل ربي راض عنّي؟
فلم اعد اذكر جوابه من بين جوابين:
اما ان قال لي (نعم) و اما انه اعرض عن جوابي .... المهم انه لم يقل (لا ... )
و رؤيا اخرى كلما اتذكرها اشعر بحلاوتها اعاد الله عليّ تلك الايام ...
و لا يفوتني ان اذكر لكم معاناتي في الجاهلية ...
حيث والدتي-حفظها الله- نزرت لقسيس من القساوسة ذبح خروف مقابل ضمان سلامة حياتي و ذلك بعد ابلاغها من قبل الطبيب بالخطر الذي كان ائنذاك يجول حولي ....
و كنت خلال هذه الفترة اغدو مع اهل بيتي الى اماكن الشرك من مارجريس الى مارشليطا .... فكنا-غفر الله لنا-نقضي الساعات تلو الساعات سيرا على الاقدام نتحمّل كل هذا العناء و الشقاء في سبيل تحقيق مآراب الشيطان ....
و اذكر جيدا عندما كنا ندخل مع الداخلين و ربما نضع بعض الاموال تقربا و نأخذ زيتا تبركا و نرسم على نواصينا صليبا تحفظا ... فلا حول و لا قوة الا بالله-
و بالفعل اشترى والدى شاة و ذبحها في دير من الاديرة (مارمارون) و صلينا في ذلك الدير- اقصد و اشركنا- ....
و اما الرؤيا التي وعدتكم بذكرها فهي التالية:
بينما كنت نائما و اذا بي اجد قوسا و رمحا بين يدي و كانت والدتي ترافقني في هذه النزهة ...
و خطر في بالي ان اطلق الرمح بغية الوصول الى الجنة و الاكل من ثمارها ...
و بالفعل قمت باطلاق الرمح و بعد قليل و اذا بالرمح يرجع ادارجه حاملا ثمر من ثمار الجنة ...
و اظنّه ملوّنا" و صغيرا ...
فأخذته و ناولت والدتي بعضا منه و اكلت الجزء الاخر منه ...
فوجدت طعم حلاوة غريبة و اعجز عن وصفها و هي في الحقيقة (ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ... )
و عندما اسيقظت فحدث ما لم يكن بالحسبان و انقلبت الرؤيا الى حادثة عين ...
و سوف نكمل ان شاء الله في المجموعة الثالثة – يسر الله ذلك
¥